لقد طرحنا في العدد السابق مشكلة البحث عن وظيفة في ظلّ البطالة التي يواجهها الشباب خاصّةً في الفترة التي تلي تخرّجهم مباشرةً. في هذه الفترة يعيش بعض الشباب ضياعًا كبيرًا قد يؤدّي بهم إلى الإحباط بسبب الفراغ المفاجئ الذي يعانونه بعد سنوات طويلة من الدراسة المتواصلة. لذلك قدّمنا لك، عزيزي الشاب، بعض النصائح التي قد تفيدك للبحث عن الوظيفة المناسبة لك، بدءًا من معرفة نفسك وخصائصك ومميّزاتك، مرورًا بالتحضير لمقابلة العمل وصولًا إلى التصرّفات التي يُنصح بها خلال المقابلة. إلا أنّ من الأخطاء الشائعة التي يقع بها البعض هي الرقود وانتظار الجواب بدل البحث في أماكن أخرى. فانتظار الجواب المجهول من قِبلك عزيزي الشاب قد يزيد من إحباطك ويقلل ثقتك بنفسك. لذا، بعد إجراء المقابلة، حضّر للمرحلة التالية واستمرّ بالبحث. وبغية مساعدتك في بحثك، اخترنا أنّ نقدّم لك في جزء كبير من هذا المقال، بعض الأسئلة الشائعة في مقابلات العمل مع التعليق عليها وتحديد ما يرمي إليه السائل.
بعد مقابلة العمل…
التحضير للمرحلة التالية
ما الذي تحتفظ به من المرحلة الأولى لمقابلة صاحب العمل؟ غالبًا ما يُطرح هذا السؤال في المراحل التالية من مقابلة صاحب العمل إذا ما كنت من المرشّحين للوظيفة. فإن ممثل المؤسسة سيحرص على التأكّد بأنك فهمت وأدركت النقاط الأساسية للوظيفة الشاغرة. لذلك من المناسب تدوين ملاحظاتك خلال المقابلة الأولى وتكملتها بعد خروجك بالعناصر التي وجدتها مهمّة أو بالأسئلة التي قد تحتمل طرحها لاحقًا بناءً على ما سبق.
الاستمرار بالبحث
خلال بحثك عن عمل لا تضع طاقتك كلّها في مكانٍ واحدٍ. لو كانت وظيفة معيّنة تثير اهتمامك أكثر من أخريات، فهذا لا يمنع من البحث في مجالاتٍ أخرى لأنّ الرغبة بك في مكانٍ آخر قد يرفع من جاذبيّتك بالنسبة لصاحب العمل. ولكن لا تستعمل ذلك بشكلٍ يُظهر لصاحب العمل استغناءك عن الوظيفة لديه، بل بشكلٍ مقبول من شأنه إظهار كفاءتك ليس إلا، إذ إنّ أصحاب العمل يعتمدون التحليل التالي: “إن كانت المؤسّسة الفلانيّة ترغب في توظيفه فذلك لأنّه كفء في العمل”. بالتالي فإن الذهاب إلى غاية أكثر من عملية توظيف يرفع من فرصك بالعمل، الأمر الذي قد تستعمله في مفاوضات الراتب…
الأسئلة العشرة الأكثر طرحًا في مقابلات العمل
كلّمنا عن نفسك..
يبحث السائل عن معرفتك أكثر، عن تحليل الطريقة التي ستعبّر بها عن نفسك “وضوح، إيجاز، نوع المعلومات التي ستقدّمها” ولكن أيضًا بإراحتك عبر ترك الكلام لك لإظهار نفسك. فاحرص على إظهار أنّك تستحق الوظيفة وأنّك قابل للتعلّم والإنتاجية.
وقد يطرح هذا السؤال على الشكل التالي:
كيف يصفك أصدقاؤك وزملاؤك؟
فالسائل يسعى هنا لمعرفة قدرتك على الحكم على ذاتك بموضوعية وقدرتك على تقويم الذات.
هل لك أن تكلّمني عن تجربة عملية تفخر بها، أو جعلتك متحمّسًا للعمل؟
اختر عند ذلك تجربة ذات صلة بالوظيفة التي ترغب بالعمل فيها أو تجربة كان لك فيها دورٌ مهمٌّ. اشرح جيّدًا إطار المهمّة، دورك فيها، تأثيرك في المجموعة إن وُجد، النتائج التي توصّلت إليها وكيف شكّل ذلك نجاحًا.
وقد يطرح هذا السؤال على الشكل التالي:
أي نوع من المجازفة خضت في حياتك؟ ما هي المسؤوليّات الملقاة على عاتقك؟
صف لي تجربة عمل تجاوزت خلالها مصاعب أو حواجز. وكيف حللت تلك المشاكل؟
المشاكل في المؤسسات كثيرة: قلة خبرة عند البعض، مسار غير مجدٍ، أشخاص ذوي شخصيات لا تتأقلم معها، قلة تمويل لبعض المشاريع… فالسائل يرغب من خلال سؤاله هذا بمعرفة إن كانت تلك المشاكل تخيفك وتُغرقك في شبر ماء أو إن كنت على العكس، بارعًا في مواجهتها دون المساعدة من مسؤولك.
وقد يطرح هذا السؤال على الشكل التالي:
هل تبرع في حلّ المشاكل؟
لماذا اخترت هذا الاختصاص؟ وهل تأسف على اختيارك؟
السائل يرغب في معرفة ماذا تعلّمت من اختصاصك، وبماذا شغفت؟ ليبني عليه ماذا ينتظر منك. هو يتأكّد أيضًا أنّك تقبّلت اختيارك واغترفت بقدر المستطاع ممّا عُرض لك فأظهر ثقتك بنفسك وبعلمك!
هل ترغب العمل في مجموعة؟
في المؤسّسات، لا غنى عن العمل في مجموعة، لذلك يحرص صاحب العمل على معرفة إن كنت ممّن يتأقلم بسرعة مع الآخرين.
وقد يطرح هذا السؤال على الشكل التالي:
هل ترغب أكثر في العمل الفردي أم العمل في مجموعة؟ هل تعرف متى تقول “لا”؟
يرغب السائل في معرفة قدرتك على اتخاذ القرارات الحاسمة والمناسبة، والتعبير عنها ووضعها حيّز التنفيذ ولو كانت لا تتلاءم مع آراء الآخرين في العمل، عند ذلك قدّم أمثلة عمليّة لذلك.
وقد يطرح هذا السؤال على الشكل التالي:
هل تقبل الأوامر بسهولة مهما كانت؟
ما هي هِواياتك؟
قد يظهر السائل هنا وكأنه يلطّف الأجواء ولكن انتبه! إنه يستمر في تحليل شخصيّتك بغية فهم خباياها!! ابقَ شخصًا مهنيًّا ولا تسترسل في تفصيل خصوصياتك. الفكرة أن تظهر مقوّمات العمل لديك وأن تظهر أنّك شخصٌ حيويٌّ.
ما هي نقاط ضعفك؟ وما هي نقاط قوتك؟
انتبه!! إنّه السؤال الفخ الأكثر طرحًا أثناء مقابلات العمل. أظهر خلال إجابتك قدرتك العالية على تقويم أفعالك وتحسين أدائك ولا تقتصر على سرد نقاط ضعفك. يسعى السائل هنا إلى معرفة المجازفة التي قد يأخذها بتوظيفك. تكلّم عن ثغراتك ولكن ليكن تركيزك على الإجراءات التي اعتمدتها في معالجتها.
وقد يطرح هذا السؤال على الشكل التالي:
عرّف عن نفسك بست صفات منوّعة جيدة وغير جيدة. أو إذا سألتُ مسؤولك السابق، كيف يعرّف عن قوتك وعن ضعفك؟ أو ما الذي تقدّمه لنا ممّا يميّزك عن المرشّحين الآخرين للوظيفة؟ أو هل لك أن تعطي أمثلة محدّدة عمّا تشرحه؟
يرغب السائل دائمًا بالحصول على أمثلة ملموسة للتأكّد من دقّة ما تخبره إيّاها. قد يسألك أيضًا عن أرقامٍ محدّدة لتساعده على فهم الحجم الفعلي لنجاحٍ تخبره عنه. هذا الطلب يهدف أيضًا لزعزعتك في خضمّ حديثك ولاختبار سرعة البديهة لديك.
لماذا تركت وظيفتك السابقة؟ أو لماذا تسعى لترك وظيفتك الحاليّة؟
هي وسيلة أخرى لمعرفة ما ترغبه وما لا ترغبه والأشياء التي من شأنها أن تحمسك وتشجعك على العمل. والسائل يسعى أيضًا لتقدير المدّة المتوقعة أن تقضيها في مؤسسته عبر قدرتك على الثبات في العمل والتأقلم مع ظروفه.
انتبه!! لا تقم بالتشهير بزملاء سابقين ولا تفصح عن معطيات خاصّة اطّلعت عليها في عملك السابق.
سؤال إضافي:
ما هي آفاقك المستقبلة للعمل على المدى القصير؟ وعلى المدى الطويل؟
هذا السؤال فخ لأنّه ينبغي أن تظهر مظهر الشخص الطموح ولكن الواقعي المتواضع، وصاحب الأفكار المتلائمة مع ظروف العمل الراهنة التي قد تكون متأثّرة بوضع اقتصادي غير مستقرّ مثلًا مترافق مع المقابلة… سيُحلّل السائل إجابتك جيّدًا لاستنتاج ما إذا كنت ستترك المؤسسة في غضون أشهر قليلة من توظيفك… الأمر الذي لا يتمنّاه بالتأكيد!!
احفظ إذًا أيها الباحث عن عمل أن مفتاح النجاح في إيجاد الوظيفة المناسبة لك هو ذكاؤك والتصرف بمهنية ومصداقية. فإنّ المؤسسات لا توظّف شخصًا إلّا إن رأته ذا حنكة في زيادة الأرباح مقابل ما سيتكلّفون عليه من راتب ونحوه… اجعل هذا نصب عينك أثناء بحثك عن العمل لتكون جاهزًا للإجابة عن كثير من الأسئلة التي ستطرح عليك. نتمنّى لك أن يكون بحثك عن العمل مثمرًا على أمل أن نكون قد ساعدناك للتحضير لجميع مراحل بحثك. █