مما لا شكّ فيه أن الموهوبين يمتازون بخصائص عن غيرهم حظيت باهتمام الباحثين وعلماء التربية.

ويكاد الكثير من الباحثين يُجْمِعُون على أن الخصائص المرتبطة بالموهوبين تعتبر من أهم المؤشرات على وجود الموهبة والتفوق، وخاصة في الوقت المبكر من حياة الطفل الموهوب، بحيث ما تلبث حتى تصبح جوانب ثابتة في شخصيّة الفرد وسمات مميّزة له.

وتأتي أهمية التعرف على هذه الخصائص من دور استخدام قوائمها كأحد المقوّمات في عملية الكشف عن هؤلاء الطّلبة واختيار البرامج التربوية الخاصة بهم.

ومما يجدر التّنبيه إليه أنه ليس من الضروري توفر كل هذه الخصائص في الطالب حتى يطلق عليه صفة موهوب، فقد يتوفر بعضها في حين لا يتوفر البعض الآخر. وقد تتفاوت نسبة توفرها من طالب لآخر كذلك، أو قد تظهر عليه في مواقف معينة في حين تختفي في مواقف أخرى، وهذا مما ينبغي للمعلم والمربّي وأفراد الأسرة أيضًا مراعاته والتنبه له، ولن يكون ذلك إلا من خلال الاهتمام ببرامج التوعية لأسر الموهوبين.

وفيما يلي سنتعرف على الخصائص الذهنية والأكاديمية للموهوبين، مع الإشارة إلى أنها متداخلة فيما بينها.

فما هي تلك الخصائص؟

الخصائص الذّهنيّة والأكاديميّة

يشخّص بعض الموهوبين من خلال تحصيلهم الدراسي المتفوّق الذي يلاحظ من خلال درجة نجاحهم في مادة دراسية معيّنة. فإنجازهم الأكاديمي في الرياضيات والعلوم واللغات والدراسات الاجتماعية يبقى فوق المعدل، وهم يقعون ضمن نسبة ما بين 5 -10 % من أفضل الطلبة في هذه المجالات المعرفيّة للمنهج المدرسي، وبخاصة عندما تتم مقارنتهم بأقرانهم من ذوي الأعمار المتقاربة.

لكن الموهبة لا ترتبط فقط بالتحصيل الأكاديمي المتفوّق، فهو لا يعتبر معيارًا أساسيًا للتفوق. بل الموهوبون غالبًا ما يبرهنون أيضًا على وجود قدرات متميزة في الفنون والتحليل الفكري المميّز.

ومن الخصائص الأكاديمية التي يمتاز بها الموهوبون:

– السهولة في التعلم بِغَضِّ النظر عن صعوبة المادة التعليمية.

– امتلاك ثروة لغوية أعلى من تلك التي لدى أقرانهم.

– احتضان عادة القراءة المستقلة، حيث إن لديهم توجهًا ذاتيًا للتعلم ويفضلون الكتب ذات المستوى المتقدم.

– القدرة على التركيز لفترات طويلة.

– البراعة في استخلاص المبادئ العامة وفي القيام بتعميمات صادقة.

– سعة فهم وتقويم للمعلومات تقويمًا ثقافيًّا.

– حبّ المدرسة، والبعد عن إبداء الضجر منها. لكن يظهر بعضهم الملل بسبب طبيعة العمل المدرسي الذي لا يتحدّى ذكاءهم.

– التفرد بالقدرة على التعلم والتفوق الدراسي وحب القراءة والاطلاع.

– إظهار قدرة أعلى من أقرانهم على القراءة والكتابة في وقت مبكر.

– امتلاك سرعة في حلّ المشكلات التعليمية مقارنةً مع الطلبة العاديين.

– إظهار استجابة أسرع للأسئلة المطروحة عليهم والتعمّق بالنقاشات أكثر من الأسئلة السطحية.

– الاستفسار المستمر عن موضوع الدرس مع إمكانية طرحهم أسئلة استفزازية لا وقاحة بل رغبة في العلم.

– الاعتناء الدائم بالتدريبات الصّفيّة لإظهار إنجازاتهم الثقافية.

– اختزان حصيلة معلوماتية شديدة الثراء والتنوع.

– ارتفاع تحصيلهم الدراسي.

 رغم ما سبق، لا يتمتّع جميع الطلبة الموهوبين بأداء جيد في المدرسة. فتميّزهم يوقعهم في الكثير من المشاكل في العلاقات الشخصية مع الأقران فيرفضون بسببها التّميّز ويفضّلون بأن يكونوا عاديين. ومنها كذلك الميل إلى الانسحاب من المدرسة والانتقال إلى أخرى أو التسرب منها نهائيًّا، وذلك لأنّ طرق التدريس والمنهج المتّبع ليس فيه ما يثير التّحدي لديهم. فعندها لا توجد دافعيّة حقيقيّة لديهم، للحصول على نتائج أكاديمية مرتفعة.

الموهوبون ثروة مهمة لأيّ مجتمع، لذا فرعايتهم وتوفير الفرص التربوية التي تساعدهم في الوصول إلى أقصى طاقاتهم مهمّة، خاصة أن الصراع الحالي والمستقبلي بين دول العالم معتمد على قدراتها في المجالات العلميّة والتقنية والاقتصادية والعسكرية، فيحقق الموهوبون إنجازات وطنية على هذه الأصعدة داعمة لرفع المجتمع وتنميته وضمان أمنه ومستقبله.█