تربية الطفل بين نصائح الجدات والعلم الحديث 

“قمطي طفلك بثبات كي لا يكبر معْوَجًّا”. 

“لِمَ تُقَمّطين الصبي بهذه الشدة؟ أرخي قماطه قليلًا كي يتنفس ويتحرك!”. 

“ما هذا؟! قماط؟ لا أصدق أنك ما زلت تفعلين هذا! ألبسيه شيئًا قطنيًا خفيفًا واتركيه على راحته، لا داعي لهذا أبدًا”. 

هل تعرضت عزيزتي الأم لموقف مماثل؟ كيف تصرفت حينها؟ 

كثيرة هي النصائح التربوية والعلاجات التقليدية التي نسمعها من جداتنا الموقرات، والتي قد تختلف بل وتتناقض من جيل إلى آخر، فمنّا من يأخذ ببعضها دون أي تردد، ومنا من يستبعد صحتها كليًا ولا يأخذ منها شيئًا. فمن أستشير وبرأي من آخذ؟ لنستعرض معًا بعض المقولات المشهورة من زمن الأجداد ونعرضها على الرأي العلمي، فنعرف صحتها من عدمها. جربي أن تحزري الجواب قبل أن تقرئيه، وابحثي في النص عما يساعدك في الإجابة! لنبدأ!  

 كثيرًا ما يقال للحامل: “كلي، كلي، كلي وأكثري فإنك تأكلين عن اثنين”.

حقيقة أم أسطورة؟

الرأي العلمي:

تحتاج المرأة بالفعل لأن تأكل أكثر خلال الحمل، فحاجتها للطعام الصحي وللعناصر الغذائية المحددة في هذه المرحلة هي أكبر مما مضى، وخاصة إلى البروتين والحديد وحمض الفوليك والكالسيوم. ذلك أن ما تتناوله الحامل هو المصدر الرئيسي للمغذيات التي يحتاجها الجنين والتي ينبغي أن تكون متوفرة لكي ينمو الجنين بطريقة سليمة. فهل يعني أكلك عن اثنين عزيزتي الحامل أن تأكلي ضعف ما كنت تتناولينه قبل الحمل؟

الجواب: في المقالة شىء من الحقيقة، ولكن… لا، لا تأكلي ضعف ما تأكلينه عادة، بل عليك أن تضيفي العناصر الغذائية المطلوبة لنمو الجنين. حوالي 300 سعرة حرارية إضافية في اليوم هي ما تحتاجه أكثر الحوامل. احرصي عزيزتي أن تكون هذه السعرات مغذية لكما قدر الإمكان، كتناول البيض المطهو جيدًا والمكسرات والفواكه والحبوب عوضًا عن المشروبات الغازية ورقائق البطاطس.

يقال أيضًا إن اشتهت الحامل شيئًا فأتوها به في الحال وإلا “تطلع بعين الصبي”

حقيقة أم أسطورة؟

ما رأيك؟

الرأي العلمي:

لم يتوصل العلم لمعرفة السبب الحقيقي وراء ظهور ما نسميه “الوحمة”، أو العلامات الخلقية التي تظهر على كثيرين من الأطفال. قد تكون الوحمة بقعة ملونة أو نتوءًا جلديًا. إن كانت بنية أو سوداء، تدعى الوحمة المصبوغة، وتتكون نتيجة زيادة ترسب مادة صبغية موجودة طبيعيًا في جلد الإنسان، تسمى الميلانين، وهي ما تعطي الجلد لونه الطبيعي. بعض الوحمات الأخرى تتألف نتيجة تجمع شعيرات دموية صغيرة بشكل سطحي تحت الجلد مباشرة، فتسمى وحمة وعائية. يكون لون هذه عادة أحمر أو أزرق، وقد يختلف لونها أيضًا بحسب درجة الحرارة والجهد ونحوه، فتزداد احمرارًا مع الجهد والحر نتيجة توسع الشعيرات الدموية ويخف لونها في البرد وعند قلة الحركة لتقلصها. هناك أيضًا أنواع أخرى غير ملونة.

الجواب: ليست حقيقة مثبتة علميًا. لا نستطيع أن نجد ترابطًا بين ظهور الوحمة عند حديثي الولادة وما تشتهيه المرأة الحامل. هذا لا يعني ألا نستجيب لمطالبها مما تشتهيه عند الاستطاعة، فالرغبات الشديدة لأطعمة معينة خلال الحمل مثبتة علميًا!

كثيرًا ما تنصح الأمهات حين يصاب طفلها حديث الولادة باليرقان بأن: “تضعه تحت الشمس وتحت قماشة صفراء” أو “تشربه القليل من الماء والسكر”

حقيقة أم أسطورة؟

هل تبدو الإجابة معقدة قليلًا؟

الرأي العلمي: 

يـحـصـل الـيـرقـان عـنـد كـثـيـريـن مـن الأطفال الحديثي الولادة، ويظهر على شكل اصفرار في جلد وعيني الطفل نتيجة ازدياد إنتاج صبغة صفراء، تدعى “بيليروبين”، وانتشارها في الدم. غالب حالات اليرقان لا تحتاج للعلاج أو يكون علاجها بسيطًا. ولكن مع ذلك ينبغي ألا نهمل عرض الطفل المصاب على الطبيب المختص ليشخص مدى خطورة الحالة ويكتشف إن كان هناك خلل عضوي قد يسبب اليرقان. علاج اليرقان الفيزيولوجي، أو الذي هو غير مرتبط بسبب عضوي، يكون عادة بزيادة الرضاعة الطبيعية أو الحليب بشكل عام لتكون كمية السوائل في الجسم كافية لضمان أن ينتج الطفل المزيد من البول ويطرد معه الصبغة الصفراء من جسمه. قد يحتاج الطفل للتعرض لنوع من الضوء الأزرق والأخضر والذي يساهم في تكسير الصبغة الصفراء وطردها من الجسم.

ما الجواب في رأيك؟

الجواب: قد يكون في تعريض الطفل للشمس وهو عارٍ لوقت قصير شىء من الصحة، ولا بأس بالقماشة الصفراء إن كانت لا تحجب الضوء كليًا من حيث المبدأ. مع أن الأطباء ينصحون بعدمه مخافة أن يصاب الطفل بحروق أو بالبرد، وهو الذي يعجز جسده عن تثبيت درجة حرارة الجسم في هذه المرحلة. فإن كنت تحبذين هذه الفكرة احرصي أن يكون الولد في غرفة تحت زجاج نافذة تدخل عبرها أشعة الشمس، وأن يكون الوقت في غير ذروة أشعة الشمس الحارقة -بين السابعة والثامنة صباحًا مثلًا-، وأن لا تتركي طفلك أكثر من عشر دقائق.

وأما بالنسبة للماء والسكر، فلا حاجة له بتاتًا طالما أن المولود يشرب الحليب بكمية كافية. بل على العكس، قد يتسبب إعطاء السكر مع الماء بالشعور بالشبع، فيستهلك الرضيع حليبًا أقل وتتراكم الصبغة الصفراء أكثر فأكثر.

مع ذلك، فقد أوردت بعض المواقع الإخبارية مقالًا صحيًا يتناول فيه أدلة جديدة عن فوائد إعطاء الطفل جرعة صغيرة من السكر على شكل مرهم أو معجون نفركه على اللثة والخد من الجهة الداخلية، وأنها وسيلة غير مكلفة ونافعة جدًّا لوقاية حديثي الولادة -وخاصة المولودين قبل إتمام الأسبوع السادس والثلاثين من الحمل- من ضرر دماغي قد يتسبب به نقص حاد في السكر. فبم يذكرك هذا؟

نعم عزيزتي، وصية الرسول عليه السلام بالتحنيك. أليس هذا ما علّمنا إياه من لا ينطق عن الهوى قبل مئات سنين مضت؟ استشيري أيتها الأم الفاضلة أهل الاختصاص والمعرفة في شؤون تربية طفلك. استمعي للنصح ممن يقدمونه ولكن لا تعملي إلا بما يشير به الطبيب الثقة. وفي كل ذلك وغيره، اتبعي وصايا ديننا الحنيف الذي يفيدنا اتباعه في كل مسلك من مسالك الحياة.█