يعتبر فن حياكة السجاد من الفنون الأصيلة التي تعكس عراقة الأمم وثقافتها، وحتى وقت قريب كان السجاد المخيط يدويًا إرثًا فنيًا نادرًا يتباهى به أصحابه، ويتوارثه صانعوه أبًا عن جد كالسجاد العجمي وغيره والذي نراه يزين جدران وأرضيات القصور والفيلات والفنادق الفاخرة والبيوت والمساجد، ويكاد أن لا يخلو بيت من السجاد سواء في الريف أم المدينة وحتى بيوت الشعر في البادية، في البلاد الحارة أو الباردة.

والسجاد مهما كان يعتبر قطعًا جمالية يصعب استبدالها. فالسجاد التقليدي يعكس الوضع الاجتماعي والمالي أما السجاد الحديث أو قطع الموكيت فتعبر عن ذوق أصحاب البيت وميولهم وشخصياتهم. والأسواق تعج بأنواع كثيرة من السجاد تلبي أذواق الجميع، وتناسب كل أنواع المفروشات.

وللسجاد فوائد أخرى أكثر أهمية من الجمال، فهو يبعث الدفء في الأيام الـبـاردة، عـدا أنــه يــعــزل الأصــوات، ويخفف من مستوى الضجيج. وصناعة السجاد عشق قبل أن تكون مهنة، وهو يحاك بأيدٍ خبيرة ليوضع على الأرض للزينة والتدفئة. ولكن يوجد سجاد لا  يوضع على الأرض بل يتصدر الحيطان لأنه يحتوي على آيات قرءانية أو أسماء الله الحسنى أو نحو ذلك.

وصناعة السجاد تتنوع بحسب عادات البلد المصنع له كما يأتي:

النسيج التركي

يعتبر السجاد التركي من أفخر أنواع السجاد في العالم ويحاك عادة من خيوط الحرير ويطعم بالخيوط الذهبية أو الفضية، ويغلب عليه عادة الطابع الإسلامي خاصة السجاد الأناضولي والذي تتراوح فيه العقد بين 40 إلى 100 عقدة، وتتميز نقوشه ورسومه بأنها تحاكي الزخرفة التقليدية في البيئة المحلية. وأفضل أنواع السجاد التركي “الأوشاك” الذي يعكس التراث الثقافي التقليدي لتلك البلدة الصغيرة ليأخذ مكانته في الأسواق الدولية وفي متاحف ومعارض السجاد الدائمة طوال العام، كمتحف “مترو بوليتان” للفنون في نيويورك، ودار “كريستي” للمزادات لبيع القطع الأثرية والنادرة.

الذوق الأفغاني

يصنع السجاد الأفغاني المنسوج يدويًا من صوف الغنم أو الماعز أو الإبل، ويختلف ثمن السجادة بحسب الخيط والنقش المستعمل فيها، ويغلب على السجاد الأفغاني النمط التقليدي، وما يميزه عن سواه أنه يصلح لعدة استعمالات منها وضعه كمفارش على المقاعد والأرائك والموائد أو كستائر للنوافذ وأغراض أخرى جمالية عديدة. ومهما كان نوع الخيط واللون إلا أن السجادة الأفغانية تعتبر لوحة فنية حاكتها أنامل خبيرة ماهرة اشتهرت بها أفغانستان ودول آسيا الوسطى.

السجاد العجمي

يكمن سر السجاد اليدوي المصنوع من الحرير الخالص والمزيَّن بألوان طبيعية في تمدد العقد فيه والوقت الذي استغرقه للحياكة فبعض السجادات قد تستغرق عامًا أو عامين أو أكثر لإنجازها حيث تحوكها أفراد أسرة كاملة الأب والأم والأبناء.

ثم إن عدد العقد التي تحاك من السجاد يحدد ثمنها، والعقدة في السجاد تعني عدد العقد في السنتميتر الواحد أثناء غزلها. فهناك سجادة بها 10 عقد، أو 42 أو 60 عقدة، وكلما زاد عدد العقد ارتفعت قيمة السجادة، وذلك لأنها تستغرق وقتًا أطول في الحياكة.

إن أشهر أنواع السجاد الإيراني يصنع في كاشان، وتبريز، وأصفهان، وكرمان، وهمذان وشيراز، ولكل مدينة حرفتها وطرازها الخاص بها، ووحده الخبير يعرف من نظرة أو لمسة واحدة أين صنعت هذه السجادة وفي أي مدينة.

ويتميز أيضًا بأنه قلما يستعمل الصباغ الكيميائي في السجاد الإيراني بل يستعملون الأصبغة النباتية الطبيعية.

وعندما يطلق اسم “التحفة” أو “أنتيك” على سجادة إيرانية يكون منسوجه من الحرير الطبيعي المأخوذ من دودة القز أو غزل الصوف الشديد النعومة، ويكون تاريخ حياكتها قديمًا جدًا، فكلما كانت أقدم كانت أغلى، وتكون خفيفة الوزن غير ممزقة ولا تالفة.

وقد كانت منطقة بهارستان في العصر الساساني القديم تحظى بأهمية كبرى في صناعة السجاد، وشاعت شهرته في الآفاق لما فيه من الجمال والأناقة والدقة. ويروي المؤرخون أن سجاد كسرى كان منقوشًا بخيوط الذهب والـفـضـة، ومـزيـنًا بـرسـوم، ومـزودًا بأحجار كريمة. ولما دخل الإسلام بلاد فارس بعد الفتح العربي تم استعمال النقوش وتصاميم وخطوط هندسية جميلة كانت تستمد من التمازج العربي والفارسي، وبقيت هذه الأنماط سائدة حتى عصر الأتراك السلاجقة بما لديهم من ذوق وفن رفيع. وبعد ذلك حرص التجار على تصدير السجاد العجمي ابتداء من القرن الثالث عشر الهجري أي الثامن عشر الميلادي. وقد شهدت هذه الصناعة ازدهارًا خاصة بعدما اتبع أصحاب الورش رغبة الزبون في تصميم نقوش وألوان خاصة ومميزة.

السجاد الشرقي

أما السجاد الشرقي أو العربي فيمتاز بالأناقة بسبب خطوط تصميماته العربية الجميلة وألوانه الدافئة. تحوكه النساء في فلسطين والعراق وبلاد الشام قديمًا لتناسب جميع الأذواق.

سجادة الصوف

يبدأ الإعداد بجز الصوف من الخروف أو الماعز ثم غسله لتخليصه مما تعلق به من الغبار والأتربة والشوائب، ثم تأتي مرحلة تبييض الصوف وبعد ذلك تلوينه وهي الطريقة التي يستعمل فيها الصباغ النباتي كالزعفران وأوراق البصل وشجر البلوط، ثم تثبيت الصبغة بحجر الشب أو قشر الرمان، وفي لبنان يستعمل ورق اللوز والبربايس في صبغ الصوف في قرى الشمال والبقاع خاصة في بعلبك وعرسال حيث تنسج أفضل أنواع البسط والسجاد اليدوي. وإن للألوان دورًا مهمًا في صناعة وحياكة السجاد اليدوي، وهي من العناصر التي يتم مراعاتها والانتباه إليها عند شراء السجاد المصنوع يدويًا وإلا خربت ألوان السجادة بمجرد تعرضها للماء، فثبات اللون يحفظ للسجادة رونقها.

السجاد الصناعي

يشمل السجاد العصري أصنافًا عديدة بدءًا من الأنواع الرخيصة المصنوعة من خيوط النايلون أو الأكريليك، وصولًا إلى الأنواع الفاخرة الباهظة الثمن، وتتعدد المواد، وتتنوع الحياكات والأشكال والألوان، فمنه بوبر طويل طري يستعمل عادة في أرضيات الحمامات وغرف النوم، ومنه قصير بكل أنواعه وألوانه المبتكرة.

فالمصانع تتحفنا دائمًا بأنواع وألوان عديدة ومبتكرة راقية الجمال، وإن كانت مصنوعة من ألياف صناعية، وأسعارها بمتناول الفئات الفقيرة والمتوسطة الحال من الناس.

صيانة السجاد

تتطلب صيانة السجاد والحفاظ عليه مهارة خاصة ومعرفة وخبرة، لا سيما السجاد اليدوي الصنع حتى يبقى على رونقه وحافظًا لقيمته المادية. فغسيل السجاد وتنظيفه خاصة “الأنتيك” أو العجمي يحتاج إلى أهل اختصاص، لأن عملية التنظيف تتم برفق شديد. والأفضل التنظيف اليدوي لأن الإسراف في استعمال المكنسة الكهربائية يأخذ من وبر السجادة فتتآكل وبرة الصوف. ويمكن استعمال الصابون في غسلها شرط شطفها جيدًا بالماء وتجفيفها وتهويتها بشكل كامل فالرطوبة ألد أعداء السجادة لهذا لا تفرش السجادة على أرض مبللة بالماء أو رطبة، وذلك حتى لا تتعرض للعفن أثناء تخزينها. كما يفيد استخدام المبيدات الحشرية بكميات قليلة حتى لا تتعرض السجادة للتلف.

أما إذا تلفت بعض أجزاء السجادة الثمينة فيمكن ترميمها على يد أختصاصي بإعادة غزل الجزء التالف منها بنفس نوع الخيط واللون. فترقيع السجادة وخياطة أطرافها يعيد لها قوتها ومتانتها، حتى لا تصاب بالتلف والعطب مرة أخرى، هذا أمر يحتاج إلى دقة وتعب حتى يختفي أثر التلف أو الثقب نهائيًا.

حفظه

لا بد من مراعاة عدة خطوات للحفاظ على السجاد بطريقة سليمة:

– عند فرش السجاد ينبغي مراعاة أن تكون الأرض مستوية من دون التواءات وتعاريج.

– تنظيف السجادة وتخليصها من الأوساخ والغبار باستمرار.

– تجنب تلوث السجاد بالزيوت والسمن والمواد الدسمة.

– تـخزيـن السجـاد صـيفًا في أمـاكـن جـيدة الـتـهـوئـة وبـعيدًا عـن الـرطوبة، ولـف السجادة بالطول وتغطيتها بقماش نظيف وجاف ورصها بوضعية النائم، لا توقيفها بالطول حتى لا تتعرض للتجعيد. ويمكن الاستعانة بالملح أو النفتالين أو حب الفلفل الأسود، فيفرد داخل السجادة ثم تلف بشدة أو تلف على عصا، وتغطى بالنايلون أو القماش وتخاط من أعلى ومن أسفل وتحفظ في مكان جاف. كما إن وضع اللباد تحت السجاد المفروش يحفظ السجادة من التزحلق على الأرض.

والأفضل تحريك الأثاث الثقيل الموضوع على السجاد من وقت لآخر حتى تستعيد الأجزاء المضغوطة شكلها الدائم.

وفي الختام نأمل أن يكون مقالنا هذا قد أمتعكم وأفادكم بالمعلومات الجديدة الهامة خاصة في كيفية حفظ السجاد واختياره ولا سيما السيدات.█