عندما تبحر في كتاب الذكريات… تصادفك حوادث تتمنى لو أنها تتكرر كل يوم… وتمر على أحداث تحمد الله عز وجل أنها مضت وانتهت… 

بعض الناس يستفيدون من التذكر… ينظر في سقطاته السابقة… ويعاهد نفسه أن لا يعود إليها… 

وينظر في أشياء جميلة زينت حياته بأحلى العطور… فيفكر كيف أنجز كل هذه الأمور ويحاول تكرارها بطريقة أجمل وأفضل… 

بعض الناس يزين لهم الشيطان فعل المعاصي… فيقعون فيها… وعندما تـسـنـح لـهم الـفرصـة يـكـررون الـغـلـط وبدافع أقوى… تشدهم ذكرى سابقة… لواقعة مماثلة… ويفعلون المحرمات مرة ومرة ولا ينتهون… إرادتهم لترك الحرام مشلولة… والشيطان من ورائهم يعمل على إلقاء الغشاوة على قلوبهم وأبصارهم فلا يرون الحق ولا يستمعون للنصيحة…

الفرحة بالمعصية لا تدوم طويلًا… وعاقبتها وخيمة… وأحيانًا ينال العقاب في الدنيا قبل الآخرة…

وبعضهم وأنتم تسمعون عنهم… يزعمون أنهم سيتوبون بمناسبة كذا… قد يقول أحدهم أتوب عندما أتزوج… وما يدريك متى تموت… أنت لا تضمن لنفسك أن تعيش دقيقة بعد لحظة قرارك… فماذا أنت فاعل إن فاجأك الموت…

وبعضهم يقول أتوب في رمضان… كم رمضان قد مر عليك وأنت تؤجل التوبة… العمر يمر ولا ندري متى تنزع الروح من أجسادنا… كيف يكون حالك إن مت وأنت تعصي الله بفعل تلك المنكرات…

روى أحدهم أنه قال لزوجته التي تطالبه بالطلاق… قال لها أنا أحبك… فأجابته وماذا أفعل بحبك حين أجوع…

بعدها بدأ مشواره مع السرقة من الشركة التي يعمل بها… وكان سبب زلته امرأة غير صابرة… إرادة ضعيفة… وعدم توكل على الله… وماذا جنى؟ الفضيحة بين الناس… والغرق في وحل الآثام…

تسمع في قصص القدماء أشياء صارت شبه نادرة في أيامنا هذه… تسمع قصة تلك المرأة التي كادت تموت من الجوع… وطلبت الطعام من أحد الرجال… لكنه أبى أن يطعمها إلا أن تسلمه نفسها… فرفضت… واختارت الجوع على معصية ربها…

ما بال بعض الرجال والنساء في هذه الأيام… صارت الكبائر عندهم عادة يفعلونها ولا يشعرون بأي حرج عندما يقعون فيها…

علينا بتقوى الله وتجنب المحرمات… العاقل إن واجهته مشكلة لا يستسلم لليأس… بل يصبر على ما أصابه ويتوكل على الله… لنذكر دائمًا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له” رواه مسلم.

إن واجهتنا المصاعب… لا نحل المشكلة بارتكاب المحرمات… الحرام قد يسعدك للحظات… وبعدما تمر فترة بسيطة… تنتهي فرحتك وتبقى حاملًا وزر المعصية إن لم تتب إلى الله…

أيامنا هذه صارت مشحونة بالشبهات… العاقل من يعمل على تجنبها كي يفوز برحمة الله عز وجل… فكيف تفعل إن زين لك الشيطان المحرمات…

هنا تذكر أن ترك المعصية لله تعالى لك فيه أجر… في الآخرة لا ينفعك كثرة المال والجاه والأولاد إن لم تكن عونًا لك على أمر دينك… بل تنفعك ساعات قضيتها في طاعة الله… ينفعك عمل صالح أخلصته من الرياء… ينفعك دقائق غالية أمضيتها في ذكر الله… ينفعك بذل المعروف لأخ لك عرفت حاجته وقضيتها لله…

العمل الصالح ينفعك في الدنيا والآخرة… أما سمعتم حديث الثلاثة ممن كانوا قبلنا انطلقوا في أمر لهم حتى وصلوا إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فَسَدَّتْ عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تَدْعُوا الله بصالح أعمالكم… ودَعَوا بصالح أعمالهم… ونجاهم الله مما هم فيه… وخرجوا بفضل الله من الغار سالمين آمنين…

الدنيا لا تدوم لأحد… لنتب إلى الله مما وقعنا فيه… ولنبادر إلى فعل الصالحات… والآخرة خير وأبقى…█