تعدُّ الفيتامينات موادَّ أساسية يحتاجها الجسم لنموه وعمله بشكل طبيعي، وهي مواد لا يستطيع تصنيعها بنفسه بالشكل الكافي بل يحتاج إلى الحصول على الكمية الأكبر منها عن طريق الغذاء. ولذلك صنف العلماء في بادئ الأمر الأرغوكالسيفرول والكوليكالسيفرول على أنهما فيتامينات سُـمُّوا بـ”فيتامين د”، فما هو الفيتامين “د” ولم سمي بهذا الاسم وكيف تم اكتشافه؟
مصادر الفيتامين “د”
كما ذكر من قبل هنالك مصدران أساسيان لهذا الفيتامين:
– المصدر الأول هو التصنيع الجسدي في البشرة: بعد التعرض للأشعة ما فوق البنفسجية وامتصاصها، عبر أنزيمات “بروتينات” معينة في الجسم يتم تحويل نوع من الكوليستيرول-7 “hydrocholesterol” إلى الفيتامين “د3” المعروف بالكوليكالسيفيرول “vitamine D3″، أما في النباتات والفطريات فيصنع هذا الفيتامين على شكل الأرغوكالسيفرول “vitamine D2”.
فتعرض الوجه والذراعين والساقين للشمس حوالي 30 دقيقة لثلاث مرات في الأسبوع يعد كافيًا لحصول الجسم على حاجته من الفيتامين “د”.
– المصدر الثانوي وهو الغذاء: نجد مادة الفيتامين “د” إجمالًا في عدد من المأكولات البحرية منها سمك السالمون والتونا… كما نجده في زيت كبد سمك القد وكبد البقر والبيض وبنسبة أخفض في الأجبان والألبان. ولكن العديد من البلاد الأوروبية والأميركية تعمل على زيادة الفيتامين “د” في بعض المطعومات المعروفة بالأغذية المقواة كالحليب ومشتقاته والعصائر ونحوها لتأمين الكمية التي يحتاجها الجسم بشكل أفضل، خاصة أن العديد من البلاد الأوروبية كلندن مثلًا غالبًا ما تكون فيها السماء ضبابية والجو باردًا مما يخفّف من تعرض السكان لأشعة الشمس “المصدر الأساسي”.
– من هنا يمكننا تحديد مصدر ثالث لهذا الفيتامين وهو المكملات الغذائية التي تأتي على شكل أدوية. إذ ينصح العديد من الأطباء بأخذ الفيتامين “د” كمكمل غذائي وذلك لأعمار مختلفة وحتى للأطفال الرضع كلٌ بحسب وضعه، إما على شكل حبوب دهنية مجمدة أو جرعات من الزيت السائل يخزنها الجسم على مدى طويل.
المعدل الطبيعي للفيتامين “د”
حددت السلطات الطبية في كندا والولايات المتحدة القدر الطبيعي للفيتامين “د” بـحوالي l / nmol 50 أي ما يعادل l/ 20ng من الـ D “OH” 25 والمثير المحير في الأمر هو أنه بالاعتماد على هذا المقياس فإن نسبة كبيرة من الأشخاص “%80” يكون عندهم نقص في الفيتامين “د” مما يطرح تشكيكًا عند بعض الأطباء بالمعدل الطبيعي الذي تم تحديده. ولكن هذا المقياس هو المعتمد حاليًا في جميع البلدان والأقطار.
أسباب نقص الفيتامين “د” وأعراضه
تتنوع الأسباب التي تؤدي بالشخص إلى انخفاض مستويات الفيتامين “د” عنده، أهمها:
1- امتصاص أشعة الشمس: تتأثر قدرة البشرة على امتصاص أشعة الشمس والاستفادة منها لتصنيع هذا الفيتامين بعدة عوامل منها:
– وقت التعرض، فالأنسب أن يكون بين الساعة الحادية عشرة والساعة الثانية بعد الظهر.
– دكانة البشرة، فالبشرة الداكنة يكون امتصاصها أخف فتحتاج لتعرض أطول.
– مشاكل في تحويل الكوليستيرول إلى مادة الفيتامين “د”.
2- امتصاص الفيتامين “د”:
– استهلاك قليل لهذا الفيتامين.
– مشاكل في القدرة على امتصاصه.
3- البدانة:
– الفيتامين “د” هو مادة دهنية تجذبها الدهون التي في الجسم فتتعلق بها وينقص بالتالي مستواه في الدم.
تتراوح أعراض النقص في الفيتامين “د” ما بين إرهاق عام وضعف وآلام في العضلات والعظام عند الكبار وتأخر تشكل الأسنان وتشوهاتها عند الصغار وتختلف هذه العوارض من شخص إلى آخر فكثيرون لا يشعرون بأي من ذلك رغم انخفاض مستوياته عندهم فلذلك ينصح بتحليل للدم لمعرفة ذلك.
أهمية الفيتامين “د” vitD
اشتهر منذ زمن بعيد ارتباط الصحة العظمية بالشمس فنسمع دائمًا الكبار في السن يشجعون الشباب والأطفال على التعرض لأشعتها. إن العمل الأساس للفيتامين “د” الذي اكتشف منذ زمن بعيد هو حاجة الجسم له لتأمين الامتصاص الطبيعي للكالسيوم والفوسفور عبر الدم ولتمكين العظم والعضلات من الاستفادة من هذه المواد لِبُنية صحية وقوية. فلذلك كان نقص الفيتامين “د” مرتبطًا بظهور الكساح عند الأطفال وترقق العظام وزيادة نسبة الكسور فيها عند الكبار. ولذلك اعتمد الفيتامين “د” كعلاج فعال لهذه المشاكل. إلا أن الدارسين اكتشفوا وجود المستقبلات الخاصة بالفيتامين “د” على كثير من الخلايا غير خلايا العظام والعضلات مما يدل على أن تأثيره لا يرتبط فقط بالجهاز العظمي، فكثرت الأبحاث التي اهتمت بدراسة تأثير هذا الفيتامين على عدة أصعدة مرتبطة بصحة الإنسان. وربطه كثيرون بمشاكل جهاز المناعة والجهاز العصبي والوزن الزائد ومشاكل القلب والشرايين والعضلات والأورام الخبيثة ونحو ذلك.
فبالإضافة إلى دوره الأساسي في تقوية العظام، والعضلات والأسنان، يعمل الفيتامين “د” على تقوية جهاز المناعة في محاربة الفايروسات والبكتيريا، وكذلك يعمل على تنظيم هذا الجهاز والحد من المناعة الذاتية.
ولا تزال هذه الأبحاث جارية بخصوص هذا الموضوع على عديد من الأمراض التي تشمل عددًا من السرطانات، الشيخوخة، مرض السكري، الربو، التصلب اللويحي وغيرهم.
اشتهر في عديد من البلاد التزام الأشخاص عامة باستهلاك الفيتامين “د” كمكمل غذائي بشكل يومي، أسبوعي، شهري، وحتى سنوي. وهناك وصفات وكميات محددة ينصح بها الأطباء لكل فئة عمرية تتراوح ما بين 400 وحدة عالمية يوميًا إلى 2000 وحدة. إلا أن هذه النصائح تعطي فكرة عامة عن المقدار الذي ينبغي على الشخص استهلاكه فلا بد من عمل فحص للفيتامين “د” في الدم واستشارة الطبيب لتحديد الجرعات المناسبة لكل فرد خاصة أن الجرعات الزائدة من الفيتامين “د” قد تؤدي إلى مشاكل في القلب والكلى بسبب رفعها لمستويات الكالسيوم في الدم. ولا ننسى دائمًا أن كل إنسان تختلف ردة فعل جسمه واحتياجاته عن الآخر فلا يعتمدنَّ أحد على وصفات طبية عامة دون استشارة الطبيب المختص. وبما أن انخفاض نسبة هذا الفيتامين منتشرة جدًا في بلادنا، ينصح بعمل فحص يحدد قدره لاتخاذ التدبيرات المناسبة.█