رفقًا يا عرب اليوم، أو بالأحرى رفقًا يا عرب الواقع الافتراضي، رفقًا بنا على صفحات تواصلكم الاجتماعي، رفقًا بنا في وسمات “هاشتاغاتكم”، رفقًا بنا على صفحاتكم “الفايسبوكية”، رفقًا بنا في تغريداتكم “التويترية”، رفقًا بنا فأسامينا لا تكفي “هاشتاغاتكم”، وحتى إن لم ترفقوا بنا فارفقوا بقلوب أمهاتنا. ارفقوا بهن، يكفي مصابهن فينا. 

نحن لا نريد أن نكون مادة دسمة للإعلام، كما أننا لا نريد أن نشارك في تعليقاتكم و”بوستاتكم”، نحن لا نريد الشهرة، لا نريد أن تصبح صورنا وصور دموعنا بين صوركم على تطبيقات هواتفكم، لا نريد أن نسجِّل أعلى نسب الإعجابات في الإحصاءات العالمية على “Instagram”، لا نريد أن يُطبَع ذلك القلب على صورة أمهاتنا اللواتي يحتضِنَّ جثاميننا قبل دفننا في التراب.

نحن لا نريد أن نرى جثث آبائنا ممددة أمامنا ساكنة بلا حراك، لا نريد أن نرى أخواتنا ممددات على الأرض مضرجات بالدماء أمام أرجوحاتهن، لا نريد أن نرى وجوه إخواننا الرضع مشوّهة بين أحضان أمهاتنا اللواتي قضين في تلك الغارات الغاشمة، لا نريد أن نرى بيوتنا مسوّاةً بالأرض. لا نريد شيئًا منكم سوى أن ترفقوا بنا.

وحيدون… نسأل أين نحن وأين الطريق إلى بيوتنا، أين إخواننا وأين آباؤنا وأين أمهاتنا وأين أحباؤنا. نسير وننظر، ونفتش في البيوت، هنا دمار وهنا خراب، ننادي ونصرخ بأعلى أصواتنا، هل من مجيب من أمتنا.

نحن أطفال كباقي أطفال العالم، لا نحلم بأكثر من العودة إلى منازلنا كي نجدها في أماكنها، ونجد كتبنا ونجد دفاتر دروسنا على حالها كي نستعد لبدء يوم جديد في مدرسة لا تحتوي سوى لوح أخضر ومقاعد خشبية وربما لا سقف لها، بجوار أصدقاء صغار يحلمون معنا بمستقبل هادئ.

نحن نريد أن نصبح أطباء وعلماء ومهندسين ومعلمين، هكذا نريد أن يعرفنا الناس من خارج محيطنا لا من خلال صوركم و”تاغاتكم”.

فلسطين يا إخوتي، ليست أغنية تلحن في استديو خلال دقائق، فلسطين ليست مجموعة صور محفوظة على وسائل التواصل الاجتماعي!!، فلسطين ليست مجرد قضية، فلسطين يا إخوتي قلوب أطفال تقطّعت من البكاء على فراق الأحبة والأهل، فلسطين أرض الأنبياء، فلسطين فيها ولد عيسى المسيح عليه السلام، وفيها دفن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، ومنها عُرِج بالنبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، تلك هي فلسطين.

تذكروا في المرة القادمة، حين تأتي ذكرى الانتفاضة، وذكرى النكبة وذكرى تهجيرنا من بيوت آبائنا وأجدادنا، أن لا تجوبوا صفحات “الغوغل”، بحثًا عن أكثر الصور المؤثرة لنا. صدقني يا أخي المسلم ويا أختي المسلمة، صدقوا أنني أحيانًا أكاد أشك في انتمائي وهويتي الفلسطينية، وأظن أنكم أنتم من وُلِدتُم وآباؤكم في هذه الأرض، فمن يرى منشوراتكم المبكية ودموعكم على تلك الوجوه الصفراء، وقلوبكم الحمراء الصغيرة قد يظن بأنكم تملكون بطاقة لاجئ فلسطيني.

تذكروا في المرة التالية التي تتمنون فيها أن تصلوا في المسجد الأقصى أن تنزلوا إلى المسجد القريب من بيوتكم فهو أقرب والطريق إلى الأقصى يبدأ من هناك. تذكّروا قبل أن تحملوا تلك الصور على مواقعكم المسماة تواصلية واجتماعية، أنكم بتحميلكم لتلك الصور توجعوننا أكثر، تذكروا أنني الطفل الفلسطيني، وأنني لا أريد أن أصبح هاشتاغًا. █