الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام كل إمام وعلى آله وصحبه الميامين الأعلام. 

وبعد إخوة الإيمان، نذكر بعض معاصي اللسان لتكونوا على بيّنةٍ من أمرِكم ولتُعلّموها غيرَكُم إنقاذًا لهم من المهالك فإنَّ أكثر المهالك والمعاصي سببُها اللسانُ الذي جِرمُه صغيرٌ وجُرْمُه كبير. 

فمن معاصي اللسان:

– الغيبةُ: وهي ذكرك أخاك المسلم بما يكرهه مما فيه في خلفه سواء كان مما يتعلق ببدنه أم نسَبه أم ثوبه أم داره أم خُلُقه، فلا يجوز أن تذكر المسلم في خلفه بما يكره لو سمع بغير حق شرعي، وقد تكون الغيبة جائزة بل واجبة وذلك في التحذير الشرعي من أهل الفساد والضلال والغشاشين.

– والنميمة: وهي من معاصي اللسان التي هي من الكبائر، وهي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على وجه الإفساد والقطيعة بينهم.

– والكذب: وهو الإخبار بخلاف الواقع عمدًا أي مع العلم بأنَّ خبره هذا على خلاف الواقع، فإن لم يكن مع العلم بأن الكلام بخلاف الواقع فليس كذبًا محرمًا. والكذب حرام بالإجماع سواء كان على وجه الجِدّ أو على وجه المزح ولو لم يكن فيه إضرار بأحد، ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال: “لا يصلح الكذب في جِدٍّ ولا هزل” رواه البخاري في الأدب المفرد.

– واليمين الكاذبة: أي أن يحلف الشخص بالله تعالى وهو كاذب بذكر اسم الله أو صفة من صفاته كقول: وحياة الله أو نحو ذلك، وهذا حرام من كبائر الذنوب.

– وألفاظ القذف: وهي كثيرة حاصلها كل كلمة تنسبُ إنسانًا أو أحدًا من قرابته إلى الزنى فهي قذفٌ لمن نُسب إليه. والقذف إما أن يكون صريحًا أو كناية بنية، فالقذف الصريح حرام ولو لم يقصد به القذف كأن يقول في رجل: فلان زانٍ، أما الكناية فبأن تكون الكلمة تحتمل القذف وغيره ونوى بها نسبة الشخص إلى الزنى، كأن يقول له: أنت خبيث يريد أنه زانٍ.

– ومنها سبُّ الصحابة، فسَبُّ فرد من أفرادهم كأبي بكر وعمر هو معصية كبيرة، وأما سب الصحابة كلهم فهو كفر وخروج من الإسلام.

– وشهادة الزور أي أن يشهد على شىء كاذبًا وهي من الكبائر.

– ومطل الغني أي تأخير دفع الدين مع قدرته على الدفع، وهو من الكبائر لأنه يتضمن الوعد بالقول بالوفاء ثم يُخْلف.

– والشتم للمسلم: أي سبُّه ظلمًا وكذلك اللعن كأن يقول لمسلم بغير حق: لعنك الله، واللعن هو البُعد من الخير.

– والاستهزاء بالمسلم أي تحقيره، وكذلك كل كلام مؤذٍ له بغير حق، ويحرم الفعل والإشارة اللذان يتضمنان ذلك.

– والكذب على الله والكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم وقد يكون ذلك كفرًا والعياذ بالله كأن ينسب إلى الله أو إلى رسوله صلى الله عليه وسلم تحريم ما عُلِم حِلُّه من الدين بالضرورة.

– والدعوى الباطلة كأن يدّعي على شخص ما ليس له اعتمادًا على شهادة الزور أو على جاهه.

– والطلاق البدعي وهو أن يطلق امرأته في طهر جامعها فيه، أو كانت المرأة في الحيض أو النفاس. ومع حُرمة ذلك فإن الطلاق يقع.

– واللحن في القرءان أي الخطأ في قراءة القرءان بما يُخِلّ بالمعنى أو بما يخل بالإعراب فهو حرام أيضًا وإن لم يُخِلّ بالمعنى.

– والسؤال -أي ما يعرف بالشحاذة- للغني أي الشخص المكتفي بمال بأن كان مالكًا ما يكفيه لحاجاته الأصلية أو كان قادرًا على تحصيل ما يكفيه بحرفة كسبُها حلال.

– وترك الوصية -بأن لا يُعلِم أحدًا- بدين واجب عليه أو عين لغيره موجودة عنده بطريق الوديعة أو نحوها إن خاف ضياع الدين أو العين بموته مثلًا، فإن علم بذلك غيره ممن يثبت الحق بقوله كانت حينئذٍ مندوبة.

– والخِطبة على خِطبة أخيه في الإسلام أي أن يخطب الرجل امرأة كان قد سبقه مسلم بخطبتها وأُجيب بالقبول ممن يعتبر قَبوله من غير إذن الخاطب الأول وقبل إعراضه عن الخطبة.

– والفتوى بغير علم وهي حرام من الكبائر ولو صادف جوابه الصواب.

– وتعليم وتعلّم علم مضر لغير سبب شرعي يبيح ذلك كالسحر والشعوذة.

– والندب وهو ذكر محاسن الميت برفع الصوت بنحو قول: واكهفاه واجبلاه. واسنداه.

– والنياحة وهي الصياح على صورة الجزع لمصيبة الموت فهو حرام إن كانت عن اختيار لا عن غلبة.

– ويحرم أيضًا كل قول يحث على فعل شىء محرّم كقول شخص لآخر: اضرب فلانًا أو اقتله بغير حق. وأيضًا يحرم كل كلام يُفَتِّر عن فعل شىء واجب كقول لا تصلِّ الآن بل صَلِّ الصلاة في بيتك قضاء أي بعد خروج وقتها.

– ويحرم أيضًا كل كلام يقدح في الدين أي يطعن في الدين كمن يُكذِّب شيئًا ورد فيه أو يقدح في شىء من شعائر دين الله كالصلاة والصيام ونحو ذلك وهو كفر.

– والسكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير عذر بأن كان قادرًا آمنًا على نفسه ونحو ماله ولم يفعل، إلا أنه إذا اعتقد أن إنكاره باليد أو اللسان يؤدي إلى مفسدة أعظم فليس له أن يُنكر حينئذٍ بأيٍّ منهما.

– وترك رد السلام الواجب عليك ردُّه وجوبًا عينيًا بأن صدر من مسلم مكلّف على مسلم معيّن أو وجوبًا كفائيًا بأن صدر منه على جماعة مكلفين أي مع اتحاد الجنس. أما إذا اختلف الجنس بأن سلّمت شابة على رجل أجنبي -أي ليس محرمًا لها- لم يجب الرد، فيبقى الجواز إن لم تُخش فتنة وكذلك العكس.

والله تعالى أعلم وأحكم.█