هو أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم، قاضي القضاة ولي الدين أبو زرعة، ابن الحافظ زين الدين العراقي الشافعي. 

رحلته في طلب العلم

ولد في ثالث ذي الحجة سنة اثنتين وستين وسبعمائة. واعتنى به والده الحافظ زين الدين عبد الرحيم وأسمعه الكثير، حيث أحضره عند أبي الحرم القلانسي خاتمة المسندين بالقاهرة في الأولى وفي الثانية من عمره، واستجاز له من أبي الحسن الفرضي، ثم رحل به الشام في سنة خمس وستين وقد طعن في الثالثة، فأحضره عند جمع كثير من أصحاب الفخر بن البخاري ونظرائهم. ثم رجع وأسمعه بالقاهرة من جماعة من المسندين. ثم بعد وفاة والده طلب المزيد من العلم بنفسه وكان شابًا فقرأ الكثير ودأب على الشيوخ. ثم رحل إلى الشام بصحبة صهره الحافظ نور الدين الهيثمي بعد الثمانين فسمع الكثير ثم رجع وهو مع ذلك ملازم للاشتغال بالفقه والعربية والفنون حتى مهر واشتهر ولازم الشيخ سراج الدين البلقيني وحفظ وكتب عنه الكثير، وسمع على أصحاب القاضي سليمان وابن الشيرازي وغيرهم، وطلب العلم وتفقه على علماء عصره كالسراج بن الـمُلقّن وبرهان الدين الإبناسي وغيرهم.

براعته في علوم كثيرة

برع رحمه الله تعالى في علوم كثيرة كالفقه والأصول والعربية والحديث، وأكب على الاشتغال والإشغال، وأفتى ودرس وصنف.

توليه مناصب عديدة

ناب في الحكم عن العماد الكركي ومن بعده، ثم تخلى عن ذلك مدة إلى أن استقل بوظيفة قضاء القضاة بعد قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني في سنة أربع وعشرين وثمانمائة.

وقد حسنت سيرته إلى الغاية، ودام في القضاء مدة، ثم عزل نفسه، ثم أعيد مسؤولًا مرغوبًا فيه لحسن سيرته ولغزير دينه وعفته عما يُرمى به قضاة السوء، فباشر القضاء إلى أن عزل بقاضي القضاة علم الدين صالح ابن شيخ الإسلام عمر البلقيني يوم السبت في السادس من ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، واستمر ملازمًا لبيته مكبًا على الإشغال والتصنيف إلى أن توفي يوم الخميس في السابع والعشرين من شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة، عن أربع وستين سنة.

مؤلفاته

له تآليف كثيرة من ذلك: كتاب “تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل” وكتاب “الإطراف بأوهام الأطراف” للمزي، و”تحفة الوارد بترجمة الوالد”، و”شرح الصدر بذكر ليلة القدر”، و”فضل الخيل وما فيها من الخير والنبل”، و”الدليل القويم على صحة جمع التقديم”، و”ذيل على الكاشف” للذهبي، و”ذيل على مذيل والده على العبر” للذهبي أيضًا، و”شرح البهجة الوردية”، وكتب تعقيبات على الرافعي، واختصر المهمات، وأضاف إليها حواشي شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني على الروضة، وتصحيح الحاوي لابن الملقن، وأضاف إلى ذلك فوائد من كلام شيخه سراج الدين البلقيني، وشرح منظومة والده في الأصول، وشرح نظم منهاج البيضاوي لوالده، وله مصنفات أخرى رحمه الله تعالى.

صفته وأخلاقه

كان رحمه الله تعالى إمامًا فقيهًا، عالمًا حافظًا، محدثًا أصوليًا، محققًا، واسع الفضل، غزير العلم، كثير الاشتغال. وكان ذا هيئة حسنة، منور الشيبة، مدور اللحية، متواضعًا، عذب اللفظ، قليل الكلام إلا فيما يعنيه، دينًا خيرًا، مشكور السيرة، عفيفًا.

وفاته

مات يوم الخميس في السابع والعشرين من رمضان رحمه الله تعالى، عن أربع وستين سنة، ودفن بجنب أبيه رحمهما الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين. █