ترتبط العلوم ارتباطًا مباشرًا بحياة الإنسان. فإذا تأمّلنا جيّدًا بعض الأحداث التي نصادفها في حياتنا اليوميّة، لوجدنا أنّ عددًا كبيرًا منها يخفي وراءه تفسيرًا علميًّا. أدعوكم إذًا أيّها القرّاء الأعزّاء إلى متابعتي في هذا الباب العلمي الذي يُعْرَضُ فيه في كلّ عدد اكتشافٌ جديدٌ في عالم العلوم، وإجابة علمية على سؤالٍ قد يطرحه أي شخصٍ منكم بالإضافة إلى تجربة بسيطة يمكنكم تنفيذها في المنزل قد تساعدكم على فهم بعض الأمور العلميّة.
جديد العلوم
التوت البري لمعالجة أمراض اللثة
تُعتبر أمراض اللثة من الحالات الشائعة بين البالغين التي تتسبّب بها البكتيريا عندما تتكاثر وتُشكّل أغشية أو لويحات “plaques” على الأسنان، ممّا يؤدّي إلى التهابات اللثة. وتستدعي بعض الحالات الشديدة “periodontitis”، اللجوء لمضادات الالتهاب. لكن في أبحاثٍ أجريت في جامعة لافال الكنديّة “Université de Laval” توصّل الباحثون إلى نتيجة أن بعض المواد المستخرجة من التوت البري “blueberry” قد تساعد على منع تشكّل البلاك على الأسنان. وذكروا في تقريرهم الذي نُشِر في أيلول 2015 في مجلة “الكيمياء الزراعيّة والغذائيّة” أنّ هذا الاكتشاف قد يؤدّي إلى علاج جديد لالتهاب اللثّة وتقليل الحاجة لمضادات الالتهاب. وقد اختبر الباحثون تأثير هذه المواد الغنيّة بالبوليفينول “polyphenols” -وهي مواد مضادّة للأكسدة- على البكتيريا التي تُعتبر من المسبّبات لالتهابات اللثة “fusobacterium nucleatum”. وجاءت نتيجة الاختبارات مؤكّدةً علاقة هذه المواد بتوقّف تكاثر هذه البكتيريا ومنعها من تشكيل الأغشية وبالتالي الحدّ من معدل ظهور الالتهابات. كما أعلن الباحثون أنّهم في صدد تطوير جهاز للفم يعمل على إطلاق المواد المستخرجة من التوت البرّي ببطء بعد تنظيف الأسنان وذلك للمساعدة في علاج التهاب اللثة.
وجهة نظر… علمية
كيف انفجر سوق الخضار؟
“سقوط قتيل وسبعة جرحى في انفجار مخمرٍ للموز داخل سوق الخضار في طرابلس” خبرٌ نُشِر في وسائل الإعلام في السابع والعشرين من كانون الأوّل عام 2015. قد يخطر لك عند سماع أو قراءة هذا الخبر أنّه عملٌ تخريبيّ. ولكن أن يكون سبب الانفجار مواد تساعد على نضوج الفواكه، فلعل هذا مما لم يخطر ببالك من قبل. فبعض الفواكه يمكن أن تتابع نضوجها بعد القطاف وذلك من خلال إنتاجها لمادّة الإثيلين “ethylene” التي تساعد في عمليّة النضوج. وانطلاقًا من ذلك، اعتمد الكثير من تجار الخضار والفواكه على ما سُمّيَ بالنضوج الاصطناعي لزيادة منتجاتهم في الأسواق. والموز هو من أشهر الفواكه التي تخضع للنضوج الاصطناعي. فبعد قطاف الموز الأخضر الذي لم يكتمل نضوجه بعد، يُخزّن في غرفٍ يُرشُ فيها مادّة كاربور الكالسيوم “calcium carbide” ويُطلق اسم المخامر على هذه الغرف حيث تتواصل عمليّة النضوج. فتحت تأثير الرطوبة في الجوّ، تتفاعل مادة الكاربور مع الماء الموجود في الهواء. ينتج عن هذا التفاعل ظهور غاز الإثيلين فيسرّع بذلك نضوج الموز. وكلّما ازدادت الرطوبة ازدادت كميّة الإثيلين في الغرفة. والإثيلين كغيره من الغازات قابل للاحتراق والانفجار إذا ما توافرت الأسباب المناسبة. فالإثيلين قابل للاشتعال بوجود الأكسجين في الهواء والانفجار إذا ما حصلت أيّة شرارة كهربائيّة أو شعلة ناريّة كتوليع سيكارة مثلًا. فهذا هو إذًا السبب وراء انفجار سوق الخضار. والأضرار تكون أكبر كلّما كانت الغرفة أصغر أو محاطةٍ بمبانٍ أخرى.
جربها بنفسك!
بقايا الطعام… غذاء الزراعة
إذا كنت من الأشخاص المهتمّين بالزراعة والذين يحرصون على الغذاء الطبيعي الخالي من المواد المضرّة، فهذه الفقرة قد تفيدك! فبعد أن ازداد الطلب على المنتجات الزراعيّة، لجأ المزارعون إلى استعمال الأسمدة الكيماويّة ورشّ المبيدات لزيادة المحصول وحمايته من الحشرات التي قد تتسبّب بتلفه. ومع انتشار وسيطرة هذه المواد على الأسواق، والتي رغم شكلها المميّز لا تتمتّع بالطعم الأصلي، بات من المعلوم أنّ كثيرًا من الناس يرغبون بالعودة إلى المنتجات الطبيعيّة. أمّا البعض، وخاصّة سكان المناطق الجبليّة، فقد لجؤوا إلى زراعة أراضيهم واستبدلوا الأسمدة الطبيعيّة بالكيماويّة لا بل إنّها ليست فقط طبيعيّة بل صناعة منزليّة! إليكم إذًا طريقة تحضير الأسمدة الطبيعيّة في المنزل. كلّ ما تحتاجون إليه هو أرض ترابيّة وبرميل أسطوانيّ. قبل وضع البرميل في التراب، اجعل فيه ثقوبًا من أسفله ثمّ اجعل له مقرًا على التراب بعيدًا عن مدخل المنزل. واجعل من هذا البرميل سلّة مهملات ترمي فيها فقط بقايا الطعام الفاسدة وبذور الفواكه وقشور الفواكه والخضار. مع مرور الوقت ستبدأ هذه الموادّ بالتعفّن والتحلّل بفعل البكتيريا الموجودة في الهواء والتراب بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه دودة الأرض التي تدخل إلى البرميل عبر الثقوب التي في أسفله. فالدودة تساعد على تفكّك القشور وبقايا الطعام فتتحوّل إلى قطع صغيرة ممّا يسهّل ويسرّع عمل البكتيريا. تحتاج هذه العمليّة لعدّة أسابيع حتى تصبح هذه البقايا جاهزة لوضعها على المكان المزروع. كما يمكنك تحريك محتوى البرميل كلّما أضفت المزيد من البقايا حتى تطفو في الأعلى المواد القديمة الشبه المكتملة التحلّل. ما عليك إلّا أن تنتبه من الذباب الذي قد يحوم حول البرميل لذلك من الأنسب البحث عن مكان ناءٍ عن مدخل المنزل لوضع البرميل.█