الحمد لله ربّ العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله الملك الحق المبين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد طه الأمين سيّد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله السادة الأطهار وصحابته القادة الأبرار ومن تبعهم واقتدى بهديهم إلى يوم الدين.
أما بعد فقد حثّنا الشرع على إظهار البهجة والسرور في مناسبات عدة منها الولادة، فيسن لمن وُلد له ولد أن يعق عنه أي أن يذبح عن المولود شيئًا من النَّعَم فرحًا. روى الترمذي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “الغلامُ مُرتهَنٌ بعقيقته يُذبَح عنه يومَ السابع ويُسمَّى ويُحلَقُ رأسُه” وقال عنه: حديث حسن صحيح. واختلف العلماء في تفسير الحديث على أقوال إلا أن أجود ما قيل هو ما ذهب إليه الإمام أحمد وجماعة أنه إذا لم يُعقّ عنه لم يشفع لوالديه يوم القيامة.
فالعقيقة مستحبّة لما فيها من إظهار البِشْر والنعمة ونشر النسب، فيُستحب في يوم سابع المولود -ويحسب يوم الولادة من السبع- أن يحلق رأسه سواء كان ذكرًا أم أنثى، وأن يتصدّق بزنة شعر رأسه ذهبًا أو فضة لقوله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة: “زني شعر الحسين وتصدّقي بوزنه فضة، وأعطي القابلة رجل العقيقة” كما رواه الحاكم في المستدرك.
ويسن أن يُذبح عن الذكر شاتان -ويجزئ أن يذبح عنه واحدة- وعن الأنثى شاة واحدة ثم يطبخ بحُلو تفاؤلًا بحلاوة أخلاق المولود، كما يسن أن لا تكسر عظام الشاة بل تقطع من المفاصل تفاؤلًا بسلامة أعضاء المولود، ثم يُطعم منها الفقراء والمساكين ويُهديها لهم مع مرقها لتعود البركة على المولود.
وتكون الشاة كالشاة التي تذبح في الأضحية في عيد الأضحى المبارك، فللعاق أن يذبح جَذَعًا من الضأن أكمل سنة ودخل في الثانية، وله أن يذبح ثنيًّا من المعز أكمل سنتين ودخل في الثالثة، وله أن يذبح ثَنِيًّا من الإبل أكمل خمس سنوات ودخل في السادسة، وله أن يذبح ثَنِيًّا من البقر أكمل سنتين ودخل في الثالثة.
ولا بد أن تكون سليمة من عيب ينقص لحمها فلا تكون عوراء عَوَرُها بَيّن، ولا تكون عرجاء عَرَجُها بَيّن، ولا تكون مريضة مرضها بيّن، ولا عجفاء وهي التي ذهب مخها أي دهن عظمِها وقيل دماغُها من الهزال.
فالعقيقة سنة كما سبق ذكره سواء كان الولد ذكرًا أم أنثى، ولو مات المولود قـبـل اليوم السابع يسن أن يعقّ عنه. ولا تفوت بالتأخير بعد اليوم السابع، فإن أُخرت للبلوغ سقط حكمها في حق العاق عن المولود، وأما هو فمخيّر بين العقّ عن نفسه والترك.
ويسن كذلك أن يُؤذِّنَ في أذن المولود اليمنى حين يولد ويقيم في أذنه اليسرى وأن يحنّك المولود بتمر فيمضغ ويدلك به حنكه داخل فمه لينزل منه شىء إلى جوفه فإن لم يوجد تمر فرطب وإلا فبشىء حلو، كما يسن أن يُسمى المولود يوم سابع ولادته وأن يسمّى باسم حسن كعبد الله وعبد الرحمن، وتجوز تسميته قبل السابع وبعده ولو مات المولود قبل السابع سُن تسميته أيضًا.
والله تعالى أعلم وأحكم.█