قال أهل العلم بسيرته وأخباره صلى الله عليه وسلم: هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤيّ ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خُزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن مَعَدَّ بن عدنان. 

والنسب إلى عدنان متفق على صحته من غير اختلاف. وقريش فيه أقوال أشهرها هو فهر بن مالك، وقيل النضر. وأم النبي صلى الله عليه وسلم هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زُهرة بن كِلاب بن مُرَّة. ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول من عام الفيل.

يوم أضاء به الزمان وفتحت

 

فيه الهداية زهرة الآمال

أسماؤه صلى الله عليه وسلم

قال السخاوي في “سفر السعادة”: قيل لعبد المطلب بمَ أسميتَ ابنك؟ فقال: بمحمد، فقالوا له: ما هذا من أسماء آبائك، فقال: أردت أن يحمد في السماء والأرض. وروى البخاري ومسلم والترمذي عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب”. وقد سمّاه الله رؤوفًا رحيمًا.

ومن أسمائه الـمُقفى ونبي التوبة ونبي الرحمة، وفي صحيح مسلم: ونبي الملحمة. ومن أسمائه المزمل والمدثر وعبدًا في قوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾ سورة الإسراء/1، وعبد الله في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ سورة الجن/19، ومذكِّر في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21)﴾ سورة الغاشية. وذكر الإمام الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الدمشقي المعروف بابن عساكر رحمه الله في تاريخ دمشق أسماء كثيرة منها: خاتم الأنبياء ونبي الرحمة. وفي رواية: نبي الملاحم ونبي التوبة والفاتح وعبد الله.

قال البيهقي رحمه الله: زاد بعض العلماء فقال: سمّاه الله عز وجل في القرءان رسولًا نبيًّا أُمّيًّا شاهدًا مبشرًا نذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا وسمّاه رؤوفًا رحيمًا ومذكرًا وجعله رحمة ونعمة وهاديًا.

أخلاقه صلى الله عليه وسلم

سُئلت عائشة رضي الله عنها عنه فقالت: كان خلقه القرءان. وكان عليه الصلاة والسلام أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان أحسن الناس خَلقًا وخُلُقًا وألينهم كفًّا وأطيبهم ريحًا وأكملهم حِجًا -أي عقلًا- وأحسنهم عشرة وأعلمهم بالله وأشدهم لله خشية، لا يغضب لنفسه، ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله عز وجل. كان يقضي حاجة أهله، وكان أكثر الناس تواضعًا، وكان أرحم الناس وأعف الناس وأشدهم إكرامًا لأصحابه ويتفقدهم ويسأل عنهم، فمن مرض عاده، ومن غاب دعا له، ومن مات استرجع فيه –أي قال: إِنَّا للهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون- وأتبعه الدعاء له. ولا يقابل أحدًا بما يكره ولا يجزي السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح. يحب المساكين ويجالسهم ويشهد جنائزهم. ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، يخصف نعله ويرقع ثوبه. وأكثر جلوسه مستقبلًا القبلة. يُكثر الذكر ويُطيل الصلاة ويقصر الخطبة، كان يقوم -في الصلاة- حتى تتورّم قدماه. ويصوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر، كان عليه الصلاة والسلام تنام عيناه ولا ينام قلبه انتظارًا للوحي، وكان لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية ويكافئ عليها.

لباسه صلى الله عليه وسلم

كان يلبس الصوف وينتعل المخصوف ولا يتأنق في ملبس، وأحب اللباس إليه الحِبَرة من برود اليمن فيها حمرة وبياض. وأحب الثياب إليه القميص. ويقول إذا لبس ثوبًا استجدّه: اللهم لك الحمد كما ألبستنيه أسألك خيره وخير ما صُنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صُنع له. وتعجبه الثياب الخضر وربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره، يعقد طرفه بين كتفيه، يلبس يوم الجمعة برده الأحمر ويعتمّ، ويلبس خاتمًا من فضة نقشه “محمد رسول الله”، يحب الطيب ويكره الرائحة الكريهة، يتطيب بالمسك والغالية، ويتبخر بالعود والكافور ويكتحل بالإثمد. وكان يحب التيمن في ترجّله وتنعّله وفي طهوره وفي شأنه كله.

الذين أشبهوه صلى الله عليه وسلم

الحسن بن علي بن أبي طالب، وجعفر ابن أبي طالب، وقثم بن العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، والسائب بن عبيد جد الإمام الشافعي، وقد جمعهم الشيخ الإمام فتح الدين بن سيد الناس اليعمري:

لخمسة شبه المختار من مضر

 

يا حُسن ما خُوّلوا من شبهه الحسَنِ

لجعفر وابن عم المصطفى قُثَمِ

 

وسايبٍ وأبي سفيان والحسَنِ

وفاته صلى الله عليه وسلم

توفي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول فاضطرب المسلمون، فمنهم مَن دهش فخولط، ومنهم مَن أقعد فلم يطق القيام ثم تعافى بعد ذلك، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام. ولما بلغ الخبر أبا بكر أقبل مسرعًا وعيناه تهملان حتى دخل بيت عائشة فقبّل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، وقال: بأبي أنت وأمي طِبت حيًّا وميتًا. وتكلّم كلامًا بليغًا سكن به نفوس المسلمين وثبت جأشهم، وكان أثبت القوم رضي الله عنه. وغسّله عليه الصلاة والسلام: علي والعباس وابناه الفضل وقُثم، ومولياه أسامة وشقران، ودفن حيث قُبض. ولم يعص الصحابةُ اللهَ بسبب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهل عدلتْ يومًا رزية هالك

 

رزية يوم مات فيه محمد؟

وما فقد الماضون مثل محمد

 

ولا مثله حتى القيامة يُفقد

وكان الرجل من أهل المدينة إذا أصابته مصيبة جاء أخوه فصافحه وقال: يا عبد الله، اتق الله فإن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.

اصبر لكلِّ مصيبة وتجلّد

 

واعلم بأن المرءَ غيرُ مُخَلَّد

فإذا ذكرت مصيبة تسلو بها

 

فاذكر مُصَابكَ بالنبي محمد

أهل الفضائل

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا سيد ولد آدم“، وقال: “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم” رواهما مسلم.█