بعد اعتماد حديثي الولادة على الحليب في أشهر حياتهم الأولى، يتساءل الكثير من الأمهات عن التوقيت والطريقة المناسبة للبدء بإطعام الأطفال الرضع، وتنتشر بعض الممارسات التي قد يعتبرها البعض خطأً بينما يمارسها البعض الآخر بشكل طبيعي. فما هي آخر النصائح المعتمدة من قبل بعض الجهات العالمية -نحو منظمة الصحة العالمية والأكاديمية الأميركية للأطفال- في هذا الشأن؟ وهل توجد أساليب أخرى لإطعام الأطفال حول العالم؟ نجيب في مجموعة مقالات عن بعض الأسئلة المتكررة في هذا الموضوع آملين بأن نعطي الأهالي ثقة أكبر في تعاملهم مع أطفالهم بهدف تعزيز عادات الطعام الصحيّة في حياتهم منذ الصغر.

من الأسئلة التي يتكرر طرحها اخترت لكم لهذا العدد: البدايات.

في أي عمر يمكنني أن أبدأ بإطعام طفلي؟

يتفق كثير من خبراء صحة الأطفال على أن طعام الأطفال ينبغي أن يقتصر على الحليب في الأشهر الستة الأُول من حياتهم، وخاصة حليب الأم الذي تتغير تركيبته بحسب عمر الطفل لتلائم حاجاته الشخصية، فيستعيض بهذا الغذاء المتكامل عن أي غذاء آخر. ويحتجون في ذلك بأن الطعام إن ابتُدِئ به قبل ذلك سيستهلك الطفل سعرات حرارية أكثر وأن سرعة نموه ستزيد، وسيؤدي إلى انخفاض في استهلاك الحليب الذي هو أغنى بالمواد المغذية والخصائص التي تحمي من الأمراض. كما أنهم يتخوّفون من احتمال إصابة الأطفال بالاضطراب المعوي نتيجة بدء الطعام في وقت مبكر.    

يذهب بعض أطباء الأطفال إلى إمكانية إطعام الأطفال بين الشهرين الرابع والسادس، فكيف تعرفين إن كان طفلك جاهزًا؟

يمكنك أن تراقبي إن أبدى الطفل استعدادًا لذلك بتوفر الشروط الآتية:

– التحكم بالرأس: إن كان الطفل قادرًا على إبقاء الرأس في وضعية مستقيمة ثابتة دون مساعدة.

– الجلوس جيدًا: ينبغي للطفل أن يكون قادرًا على الجلوس بشكل مستقيم ليتمكن من ابتلاع الطعام جيدًا.

– حركات المضغ: يتطور الفم واللسان عادة في الوقت نفسه الذي يكون فيه الجهاز الهضمي جاهزًا لاستقبال الطعام، ويستطيع الأهل معرفة ذلك حين يلاحظون قدرة الطفل على تحريك الطعام وتوجيهه إلى آخر الفم ومن ثم ابتلاعه.

– توقف الطفل عن دفع الطعام خارج الفم باستعمال لسانه بخلاف ما يفعله حديثو الولادة.

– زيادة الوزن: إن إحدى أوضح الإشارات على جهوزية الطفل لتناول الطعام هي حين يتزايد وزن الطفل بعد أن يُتِمَّ أربعة أشهر من العمر على الأقل.

– زيادة في الشهية: بحيث يبدو لك الطفل جائعًا حتى بعد تناوله بين 8-10 وجبات من الحليب في اليوم.  

– الفضول تجاه ما تتناوله الأسرة: يبدأ الطفل بمراقبة ما تأكله الأسرة وطريقة الأكل، وربما أيضًا يقلد حركات المضغ أو يخطف ما في يد الأم من طعام ليجربه.

ماذا أطعم طفلي أولاً؟

طعام الطفل الأول يختلف كثيرًا من بلد إلى آخر، ولكن في مجتمعاتنا يذهب الكثير إلى البدء بالأرز أو الخضار والفاكهة المطحونة. ليس من الضرورة أبدًا البدء بالأرز أو القمح أو نحوه من الحبوب إلا إن كان الطفل بحاجة لها لسبب طبي كعدم زيادة الوزن بشكل كافٍ، وخاصة تلك المعبأة الجاهزة التي تحضر بإضافة الماء أو الحليب فقط لما تحتويه من المواد الحافظة والسكر المضاف في بعض الأحيان ولاحتمال تعرضها للملوثات لسبب أو لآخر. ومن الأطعمة الجيدة مثلًا البطاطا الحلوة واليقطين والموز والتفاح والأفوكادو والدراق والكوسى ونحو ذلك. وفي وقت ليس ببعيد كان الأطباء ينصحون بعدم البدء بالفاكهة أولًا بل بالخضار كي لا يألف الطفل الطعم الحلو فيرفض غيره، إلا أن أحدث التوصيات لا تُقَيِّدُ بالبدء بشىء محدد دون الآخر إذ إن بعض الأطباء يعتقدون أن الطفل المولود حديثًا يفضل بطبعه الطعم الحلو.

كيف ومتى أبدأ بإطعام طفلي؟

احرصي ألا تبدئي بالطعام إلى أن يكون الطفل جاهزًا لذلك كما سبق شرحه. وينبغي أيضًا ألا نحاول إطعام الطفل طعامًا جديدًا إن كان بحالة جوع أو تعب شديدين كي لا يصاب بالإحباط نتيجة تأخر طعامه. ونبدأ بإرضاع الطفل ولكن ليس إلى حد الشبع الكلي، ومن ثم نعرض عليه كمية قليلة من الطعام ونتبع رغبته دون محاولة إطعامه بالقوة. نترك الطفل يعتاد على فكرة الطعام بطريقة مختلفة ونعطيه فرصة تجربة طعام جديد. من الجيد محاولة إطعامه بإصبعنا النظيف -وننظّفه باستخدام الماء والصابون وليس المناديل المعقمة أو المعطرة أو المبللة- إذ إن الطفل لن يجده غريبًا عليه، وإلا فبملعقة طرية دون حوافٍ جارحة. ونترك الطفل يألف الطعام ويستسيغه. وتجدر الإشارة إلى أن الوجبة في هذه المرحلة غالبًا لا تتعدى سعة ملعقة أو اثنتين من ملاعق الشاي.  

ينصح الأطباء عادة بإدخال صنف واحد من الطعام فقط على مدى 3-4 أيام قبل أن ننتقل إلى صنف آخر، خاصة إن كان المولود من أسرة تعاني من حساسية الطعام. فمع الانتظار نستطيع أن نراقب لنرى إن كان جسم الطفل سيحتمل هذا الطعام بشكل طبيعي أم لا. فإن طرأ رد فعل مناعي بعد الطعام، مثل التقيؤ أو التورم أو بروز الحبوب مباشرة بعد استهلاكه يمكننا أن نحدد هذا الطعام ونتكلم مع طبيب الأطفال عن ذلك لتحديد متى يمكننا تجربة هذا الطعام مرة أخرى أو إن كان من المطلوب تفاديه.   

كيف أحضّر طعام الأطفال في البيت؟ هل هناك ما ينبغي أن نتجنب إطعامه للأطفال؟ هل يحتاج الطفل إلى حليب الأم أو غيره بعد أن يبدأ بالطعام؟ كيف أعرف أن طفلي قد اكتفى وشبع؟

ترقبونا في العدد القادم لنجيب عن هذه الأسئلة وأكثر!█