عندما يحلّ الشتاء ببرده القارس، تشتد الرياح وتحجب الغيوم المتكاثفة ضوء الشمس وأشعتها الدافئة، فتتساقط الأمطار مُعلنة قدوم فصل جديد تحتاج معه الأجسام إلى الحرارة والدفء ككوب ساخن من شراب يطرد البرد ويمنح الجسم دفئًا ونشاطًا، صباحًا أو مساء في البيت أو العمل. وأهمية المشروبات الساخنة تكمن في أنها قد تكون من أبسط وأوفَر الوسائل للسيطرة على الآلام المصاحبة للبرد، وهي توفر للكثيرين حماية من نزلات البرد وأمراض الشتاء، كما أنها تخفّف من آثار التعب والإعياء والإجهاد، وتدعم مقاومة الجسم لاستعادة عافيته ونشاطه. 

ومؤخرًا، أكدت دراسة أمريكية أجراها باحثون في جامعة “تافتس” في بوسطن أن الشاي المؤلّف من مزيج الأعشاب البابونج والخزامى “اللافندر” والنعناع له منافع صحية متعددة ومختلفة.

وأكّدوا أنّ شاي البابونج له فعالية في مكافحة الميكروبات، وأنه يكافح تجمع الصفائح الدمويّة مما يُقلّل من أخطار الإصابة بالجلطات.

كما تحدثوا عن مشروب النعناع، وأهميته في مكافحة الميكروبات، والفيروسات، وهو مضاد قوي للأورام والالتهابات وللأكسدة.

الزوفا

هي من مشروبات فصل الشتاء المفضّلة عند الكثيرين. فالأبحاث الحديثة تؤكد أقوال أطباء العرب القدماء عن تأثيراتها الجيدة والملطفة في علاج التهاب القصبات والأغشية التنفسية وإفرازات المخاط، فهي تحفّز على إنتاج المخاط المليّن لمجاري التنفس. وهذه المفاعيل تؤدي إلى إخراج البلغم الكثيف والمحتقن. وهي مفيدة في حالات الربو عند الأطفال والبالغين.

من جهة أخرى تُعتبر الزوفا عُشبة مُدفئة في طب الأعشاب الصيني، وتستخدم في حالات فرط الرطوبة في الجهاز الهضمي، فتزيل أعراض انتفاخ البطن وعسر الهضم والغثيان والقيء. وتعالج الزوفا بحّة الصوت واحتقان الرئة وبعض أنواع الالتهابات الفطرية.

البابونج

يمتاز البابونج بطعمه اللذيذ ورائحته النفاذة. واستُعمل نقيعه من القديم لعدد كبير من الأمراض فهو يُفتح السَّدد ويخفّف الصُّداع ويفيد في علاج الحُمى، ويقوي الكبد ويفتت الحصى في الكلى ويُنقي الصدر من آثار الربو. وهو منقٍ للبثور وينشط ويُذهب التعب والإعياء ويشفي من نزلات البرد والزكام، ويقاوم السّموم، ودخانه يطرد الهوام، ودهن أزهاره يفتّح صَمَم الأذن، ويُزيل التشقّقات وينفع لأوجاع الظهر والمفاصل.

أما في العصر الحديث، فالدراسات الكثيرة التي أُجريت على هذه الزهرة المميزة الجميلة أفادت بأن البابونج يحتوي على زيوت تخفّف توتر عضلات المعدة، وتعالج عسر الهضم، وكذلك تفيد التهاب القولون وتعالج بعض أنواع مشاكل الأمعاء المزمنة ويصف الأطباء شراب البابونج للأشخاص الذين يعانون من الأرق. وكذلك يعالج البابونج إسهال الأطفال، والتهاب المجاري البولية ويعالج التشنجات، ومغص المعدة والمرارة.

أما بخاره فيفتح الجيوب الأنفية ويزيل احتقانها، وغسيل العينين بنقيعه الدافئ المجرد عن السكر يفيد العيون الـمُتعبة من السّهر.

شراب القرفة

من خصائص شراب القرفة الساخن أنه منبّه ويبعث على الدفء، وطارد للريح، ومضاد للتشنج ومعقم، ومضاد للفيروسات، ملطف للبلغم والجهاز التنفسي، مدر للبول ومنشط للقلب.

تؤخذ القرفة تقليديًا في الهند وأوروبا كعشبة مدفئة من أجل حالات البرد، وغالبًا تكون ممزوجة بالزنجبيل وهي تنبّه الدورة الدموية خصوصًا في أصابع اليدين والقدمين. كما أنّ شراب القرفة علاج مأثور للمشكلات الهضمية، كالإسهال والقيء والغثيان، ولبعض الحالات الفيروسية كالزكام. والقرفة تُساعد على درّ الحيض وتنبّه الرحم لهذا يمنع عن النساء الحوامل ويُعطى لهن بعد الولادة. لكن ليحذر من استعمالها من يعاني من قرحة مَعِدِية.

شراب الليمون الحامض

هو واحد من أهم مضادات الزكام والإنفلونزا والعدوى الصدرية وقروح البرد والتهاب الحلق والتهابات المفاصل. وتعالج الغرغرة بعصير الحامض الفاتر آلام الحلق والتهاب اللثة وقروح الفم.

فالحامض يوصف عند العشابين بأنه مُعقّم، مُضاد للجراثيم، مُضاد للأكسدة، يخفض الحمى. بالإضافة لمحتواه العالي من فيتامين “ج”.

أما طريقة الحصول عليه فهو بِصَبّ الماء الساخن على شرائح الحامض وتغطيتها لمدة ربع ساعة. ولعلاج الزكام يُضاف مسحوق ثوم صغير ورشّة من القرفة، ويشرب ثلاث مرات في اليوم على الأكثر، لكن يحضّر قبل استعماله بمدة وجيزة خشية ذهاب منافعه.

شراب القصعين “المريمية”

يعتبر نقيع القصعين “المريمية” من العلاجات الممتازة للمغص والتهابات الحَلق، قابض، معقم، عطري طارد للريح، مقوٍ، مخفض للتعرّق، مضاد للتشنج، ومضاد للجراثيم. ينبّه هرمون الإستروجين، فله تأثيره الفعّال على تخفيف هبّات الحرارة والتعرق الليلي عند النساء في سن اليأس. كذلك يُنشط الذاكرة ويساعد على التركيز، ويفيد في حالات القولون العصبي وتشنج الأمعاء، ويفيد المرضعة حال الفطام لأنه يخفّف إفراز حليبها.

الصعتر

الصعتر عشبة مهمة، ليست غذاء فقط بل هي دواء ممتاز للعديد من الأمراض خصوصًا ولدفع عوارض الهَرَم والشيخوخة. فقد أجريت أبحاث عديدة في اسكتلندة أوضحت أنّ للصعتر الشائع وزيته مفعولًا مقويًا ملحوظًا، يدعم وظائف الجسم، ويُقاوم تأثيرات الشيخوخة.

ومن تأثيرات شاي الصعتر أنه يقوّي مناعة الجسم ضد الأمراض المزمنة خصوصًا الفطريات، فضلًا عن كونه علاجًا فعّالًا للأمراض الصدرية والتنفسية كالتهاب القصبات الهوائية والشاهوق ومرض ذات الجنب وآلام الحلق. ويوصف الصعتر مع أعشاب أخرى للربو، خصوصًا عند الأطفال ويفيد الصعتر أيضًا في بعض أنواع الحميات.

غالبًا يستعمل الصعتر لعلاج الديدان عند الأطفال. ويقاوم الصعتر تأثير لسعات الحشرات، كما يستخدم لعِرق النّسا، وآلام الروماتيزم، ويفيد سعفة القدم والسلاق وغيرها من الفطريات فضلًا عن الجَرَب.█