الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد أشرف المرسلين وآله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فإن اللّه تعالى قد فرض علينا الوضوء وهو أول مقاصد الطهارة، فُرِضَ عندما فُرِضت الصلاة وهو من جملة ما شُرِع للأنبياء الذين كانوا قبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وليس خاصًّا بهذه الأمّة المحمّديّة.
وفروض الوضوء ستة هي النية وغسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين والترتيب، قال اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾ سورة المائدة/6.
إن الفرض الأول من فرائض الوضوء هو النية عند غسل الوجه، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: “إنّما الأعمالُ بالنيات” رواه البخاري. والنية شرعًا قَصْدُ الشىء مُقترنًا بفعله. ولا بد أن تكون هذه النيّة في مذهب الإمام الشافعي عند إصابة الماء لأول جزء من الوجه. ومن النيّات التي تجزئ لصحة الوضوء أن ينوي بقلبه فرض الوضوء أو الوضوء أو استباحة الصلاة أو الطهارة من الحدث.
أما الفرض الثاني فهو غسل الوجه جميعه، وحدّ الوجه طولًا ما بين منابت شعر الرأس عند غالب الناس إلى ما تحت الذقن، وعرضًا من الأذن إلى الأذن فما كان ضمن هذا من شعر وبشر أي جلد فغسله فرض، سواء أكان هذا الشعر خفيفًا فيغسله وما تحته أم كثيفًا كذلك باستثناء لحية الرجل وعارضيه فإنه يجب غسل ظاهرهما فقط، والكثيف هو ما لا تُرى البَشَرة من خلاله. والعارضان هما الشعر النابت على اللحيين أي العظمين اللذين تنبت عليهما الأسنان السفلى. ولا بد من غسل جزء زائد على الوجه من سائر الجوانب للتحقق من وصول الماء إلى كل الوجه.
والفرض الثالث هو غسل اليدين إلى المِرفقين، والمِرفق هو مجتمع عظمي الساعد وعظم العضد فيجب غسل اليدين من رؤوس الأصابع إلى المِرفقين أي معهما. ويجب غسل ما عليهما من شعر وسِلْعَة -أي قطعة لحم زائدة نبتت على يده مثلًا- وإصبع زائد وأظافير ويجب إزالة ما تحتها من وسخ يمنع وصول الماء.
والرابع مسح بعض الرأس من شعر أو بشرة، فيكفي بعض شعرة في حد الرأس أو جزء من الرأس لا شعر عليه. ولا تتعين اليد بل لو وضع خرقة مبلولة جاز، أو يده المبتلة ولم يحركها جاز أيضًا. ولو غسل رأسه بدل مسحه جاز كذلك.
والخامس غسل الرجلين مع الكعبين وهما العظمان البارزان على جانبي الرجل. فيجب غسل ما على الرجلين من شعر وسِلْعَة وشقوق ونحو ذلك. ويكفي بدل غسل الرجلين المسح على الخفين بشروطه.
والسادس من فرائض الوضوء الترتيب بأن يبدأ بغسل الوجه المقرون بالنية ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين.
واللّه تعالى أعلم وأحكم.█