مع ولادة أطفالنا، وصغرهم وعجزهم، تبدأ مسؤولياتنا تجاههم، ونصبح في دور الاهتمام بما يتعلق بهم، كيف نعلّمهم تعاليم دينهم وكيف نهتم بأكلهم وشربهم وساعات نومهم وصحتهم وتدريسهم والترفيه عنهم، وغير ذلك من الأمور الحياتية التي قد تشكل صراعًا يوميًّا لبعض الأسر. وغالبًا كثير من الآباء والأمهات لا يرتاح من هذه المهمة حتى ولو كبر الأولاد.
في الأمور المتعلقة بالصحة، ينبغي كآباء أن نكون مشاركين في اتخاذ القرارات، فلا نترك للطبيب وحده وإن كان ثقة أمر تنظيم الخطط العلاجية دون أن نفهم الوضع الصحي الذي نتعامل معه وما هي الخيارات المتاحة للعلاج لأنه قد يخطئ. قد لا يأخذ الكثير من الأطباء الوقت الكافي لإفهام الأهل عن العارض الصحي الذي يمر به أطفالهم، فتراهم يخرجون من عيادة الطبيب غير ملمّين بالمرض ولكن لديهم خطة علاجية لا يفهمونها جيدًا بل يطبقونها تبعًا للأوامر فقط. ومع هذا كله، على الأهل اتخاذ القرارات الطبية الحرجة، وعليهم دون غيرهم تقع هذه المسؤولية. فكيف يطلب منا أن نعطي موافقتنا على شىء لا نفهمه جيدًا ومن ثم تحمل تبعات هذه القرارات؟ ماذا نفعل حين يكون علينا أن نتخذ قرارًا بشأن صحة أطفالنا؟
أن نفهم! نعم، علينا أن نفهم ماهية المرض وكيفية حدوثه وكيف يؤثّر على الجسم وما هي الأساليب العلاجية المتبعة في هذه الحالات، وما هي العلاجات البديلة التي أثبتت فعاليتها. علينا أن نراقب المرض وتطوره والعوارض الجديدة إن طرأت على أطفالنا، لأن المعلومات التي نجمعها هي ما يستند عليه الطبيب في تشخيصه. لا تخجلوا من أن تطلبوا من الطبيب المعالج أن يأخذ الوقت الكافي ويضع الجهد المناسب في إفهامكم عن مرض أطفالكم. اطلبوا منه أيضًا أن يدلكم على مصادر موثوقة تزيدكم إلمامًا بماهية المرض، خاصة إن كان المرض مزمنًا ويحتاج لفترة علاجية طويلة.
من الأمور المهمة التي أجدها مفيدة جدًّا في تجربتي الشخصية، خاصة للأسر التي تنتقل من بلد إلى آخر بشكل مستمر وبالتالي يتعذّر عليها المتابعة مع طبيب واحد ترتاح بالتعامل معه، هي كتابة مذكّرة أو إبقاء مدونة طبية لكل طفل من أطفالها. في هذه المدونة أفضل أن أذكر نوع المرض الذي أصابهم والعلاج الذي تلقوه في هذه الحالة، إضافة إلى الآثار الجانبية لبعض الأدوية التي قد لا أرغب بإعطائها لأطفالي مرة أخرى لكون أجسامهم لم تتعامل معها بشكل جيد. كما أكتب أيضًا الطول والوزن دوريًّا ليتسنى لي مراقبة النمو، وأحتفظ بنسخة من الرسم البياني للنمو الذي يكون عادة في ملف طفلي الصحي في عيادة طبيب الأطفال، أضع عليه علامة تساعدني على متابعة النمو مع مرور الزمن، وأعطي منه نسخة للطبيب الجديد الذي سنتابع معه في موقعنا الجديد. إضافة إلى ذلك، أحتفظ بدفتر تطعيمات أبقيه في ملف طفلي الطبي في المنزل، وأطلب من أي طبيب تحديثه بالإضافة لملف التطعيمات الذي يبقى في العيادة. ولا نغفل أيضًا عن طلب نسخة من نتيجة أي فحوصات قمنا بها لأطفالنا وإبقائها في ملفات أطفالنا تحسبًا لأي طارئ وإكمالًا للمعلومات عن تاريخ أطفالنا الطبي.
في حال كون الطفل في المستشفى لتلقي العلاج لسبب أو لآخر، لنكن دائمًا على دراية بالخطة العلاجية، ولنسأل عن اسم الدواء الذي سيعطى في المصل ونحوه قبل إعطائه للتأكد أن هذا الدواء هو من ضمن الخطة العلاجية. في كثير من الأحيان قد يحدث التباس بهوية المريض في المستشفى، وبالتالي قد يعطى الطفل دواء ليس له. فلا يضر أبدًا أن يتحقق الأهل من أن الدواء سيعطى للشخص المناسب، ومن أن الدواء مفيد لهذه الحالة.
في حين لا ننكر أن دور الأطباء والعاملين في الحقل الطبي بشكل عام مهم جدًّا في صحتنا وسلامتنا وأطفالنا، علينا ألا نهمل دورنا كآباء وأمهات في العناية بصحة أطفالنا. علينا أن نسأل الأسئلة المناسبة وأن نفهم المرض الذي نتعامل معه وأن نكون المدافعين عن أطفالنا، فلا أحد يعرف أطفالنا بشكل أفضل منا، وغالبًا ما تتمكن الأم من توقع أو اكتشاف حالة طفلها الصحية قبل غيرها. حين تتيقنين، عزيزتي الأم، بأن طفلك على غير طبيعته، ناضلي للحصول على أجوبة تقنعك ولا تأخذي رأيًا واحدًا على أنه الرأي الفصل على الإطلاق.█