هذا شهر التوبة قد أقبل، شهر الزهد وكسر النفس، شهر صفاء الروح، فبادر يا عبد الله لأن تشغل أيامك وأنفاسك بطاعة الله. لأن من لم يشغل الفراغ بما يعنيه شغله الفراغ بما لا يعنيه.
لهذا … وحبًا بالله نعرض عليكم بعض ما ينبغي على الصائم أن يفعل في يومه.
عند الصباح استفتِح بذكر الله وقل “بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شىءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم”، قلها ثلاث مرات صباحًا ومساءً فقد ورد عن حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاثًا لم يضره شىء. ثم ردد يا أخي في الله أوراد التحصين التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن شاء الله يدفع الله بها عنك أذى الإنس والجن.
ثم بادر إلى صلاة الصبح في جماعة، فلقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صلى الصبح في جماعة كان في ذمة الله حتى يمسي” وكن مع الذين يشاركون في حلقة القرءان الصباحية فرمضان شهر القرءان. واحضر الدرس الذي يعطيه أحد المدرسين الذين وكلتهم جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، ولا تنس ورد الطريقة الرفاعية.
ثم بعد ذلك يأتي وقت العمل الدنيوي، فلا تغفل عن أن يكون عملك الدنيوي بنية صالحة بنية تحصيل النفقة الواجبة على زوجتك وأولادك. اتق الله في عملك، فلا تكذب، ولا تغش وتمثل بقول خير الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنَّة فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم”.
هذه هي الأخلاق التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتزم بالأخلاق الحسنة ففي رمضان أبواب الجنان تفتح وأبواب النيران تغلق والشياطين تُصَّفد، فإياك وسباب المسلمين وشتمهم ولعنهم بدعوى أنك صائم …. واتَّق الله يا عبد الله …
بطاعة الله تحلو الأوقات ويهون الله عليك ألم الجوع والعطش وتنقضي الساعات ويؤذَّنُ لصلاة العصر، فاذهب أنت وجارك، أو أنت وصاحبك أنت وولدك إلى صلاة العصر في المسجد. ثم متع قلبك وأذنيك بسماع درسٍ من أفواه من تلقى علم الدين، من أناس ثقات، حتى تستزيد من الأجر والثواب وتأخذ من دار الفناء لتعمر دار البقاء. واحذر من الذين يحرفون الدين فيشبهون الله بخلقه ويكفرون المسلمين بغير سبب .
من حاز العلم وذاكره |
|
سعدت دنياه وآخرته |
فأدم للعلـم مذاكرة |
|
فحياة العلم مذاكرته |
بعد الدرس اذهب إلى بيتك وعلم أهلك ما تعلمت وساعدهم في إعداد الطعام، وكن عونًا لأهل بيتك ولاقهم بالبشر والخطاب الجميل وخفف عنهم بالكلام الجميل التعب المضني مقتديًا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما أحلى أن ترسل من طعامك وشرابك لجارك الفقير، لمحتاج تعرفه، تكرمه لوجه الله، تفطر صائمًا لا يجد ما يفطر عليه وتغنم الأجر الذي وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم به: “من فطَّر صائمًا فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شىء” ولو كان إفطارك له على حبة تمر .
بعد أن تتأكد من دخول الوقت بمراقبة غروب الشمس أو بسماع مؤذن ثقة يعتمد على المراقبة، عجل بالفطر لحديث: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر” وقل “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله”.
واجعل فطورك على تمر فإن لم تجد فعلى ماء ثم قم إن شئت لصلاة المغرب وبعد إتمام الإفطار قم بهمة ونشاط إلى المسجد لصلاة العشاء وقيام رمضان، ثم أكثر من قراءة القرءان، وإياك أن تضيع وقتك على التلفاز تنتقل من محطة إلى أخرى.
بل قم إلى مضجعك وذلك بعد صلاة التراويح وقل اللهم باسمك أموت وأحيا، لتقوى على الاستيقاظ بعد منتصف الليل لصلاة التهجد وقراءة القرءان ثم النوم بعد ذلك ثم الاستيقاظ للسحور فإن في السحور بركة.
وهنا أذكركم بفرض من فرائض الصيام بتبييت النية قبل الفجر. وذلك بأن تستحضر في قلبك نويت صوم يوم غد عن أداء فرض رمضانِ هذه السنة إيمانًا واحتسابًا لله تعالى.
واعلم يا أخي أن كل ليلة من ليالي رمضان يحتمل أن تكون ليلة القدر فأكثر من الدعاء والصلاة في كل ليلة وخاصة في العشر الأواخر من رمضان فالعبادة في ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر.
وأخيراً أحذركم مما يسمى بخيم رمضان حيث اللهو والمعاصي وأنصحكم بزيارة الأقارب وصلة الرحم.