تعدّدت النظريّات في مجال التربية خاصّة في الآونة الأخيرة. وليس ذلك إلا سعيًّا لمجاراة التطوّر التكنولوجي السريع وتعدّد المغريات ووسائل اللّهو التي أصبحت متاحة بسهولة للطالب. من ضمن هذه النظريّات ظهرت نظريّة أنماط التعلّم التي تسعى إلى تفسير كيف يفهم كلّ طالب المعلومة وما هي الطريقة التي يوظّفها أكثر من غيرها من الطرق لاكتساب المعرفة. تُقَسّم هذه النظريّة أنماط التعلُّم إلى ثلاثة أنماط رئيسة: النمط البصري، النمط السمعي والنمط الجسدي.
تكمن أهميّة هذه الأنماط في مجال التربية في أنّها تساعد المعلّم على تحضير نشاطات من شأنها تحفيز كلّ طالب بالطريقة التي تناسبه. ولأجل ذلك ينبغي أوّلًا تعريف كل نمط من هذه الأنماط وكيفيّة تنشيطه، وفي هذا المقال استعراض لاختبار يمكنكم عبره تحديد النمط الطاغي عندكم وعند طلّابكم.
أنماط التعلّم الثلاثة الرئيسة
- نمط التعلم البصري “Visual”:
يتأثّر أصحابه بالمُحَفّزات المرئية كالصور، الرسوم البيانية، المعروضات، الأفلام، المخطّطات… هؤلاء الأشخاص يستعملون جملًا مثل “دعني أرى”، “دعنا نرى” ويكون لديهم القدرة على إنجاز مهمة جديدة بعد سماعهم لشرح عنها من شخص خبير مع تدوينهم للنقاط الرئيسة، أو رؤية شخص يقوم بتنفيذها. هؤلاء الناس هم الذين يعملون بناءً على تعليمات وأوامر مكتوبة. يتصفون عادةً بالقدرة العالية على تصوّر الأشياء في أماكنها لذلك يبرعون في مهنٍ معيّنة مثل قيادة الطائرات أو السفن أو غيرها من المركبات. وإذا كان عندهم ميول إلى الفنّ فربما تجدهم يبرعون في الرسم أو الهندسة المعماريّة أو علم الطبولوجيا.
بعض النشاطات التي تساعد على تحفيز هذا النمط:
- التدريب على تنفيذ وتقديم وسائل الإيضاح البصريّة.
- جعل بعض الدروس على طريقة مراقبة عمليّة على أرض الواقع.
- التدريب على تنفيذ الرسوم البيانيّة الاستنتاجيّة في نهاية كلّ درس.
- وضع بوسترات تربويّة ملوّنة في غرف المدرسة نفّذها الطلّاب بعد تدريبهم عليها.
- نمط التعلم السمعي “Auditory”:
يفضّل أصحاب هذا النمط الاستماع إلى المعلومات. يستعملون غالبًا جملًا مثل “أخبرني”، “لنتحدث حول هذا الموضوع”… لديهم القدرة على إنجاز مهمة جديدة بعد سماعهم لشرح عنها من شخص خبير ويفضلون أخذ تعليمات شفهيّة عبر الهاتف ويستطيعون أن يتذكروا كلمات أي أنشودة سمعوها بسرعة. لديهم القدرة على ملاحظة الفروقات في النغمات ودرجتها ومستواها والإيقاع ومدى تآلفه وتناغمه.
بعض النشاطات التي تساعد على تحفيز هذا النمط:
- طلب تسجيل الموادّ بأصواتهم ثمّ إعادة الاستماع إليها في الصف وتحليلها.
- نمط التعلم الجسدي “Kinesthetic”:
يفضل أصحابه الاختبارات الحسّيّة كاللمس، والإحساس، والأشغال اليدويّة. هؤلاء الناس قادرون على إنجاز مهمة جديدة عن طريق التجربة. يكونون غالبًا بارعين في النشاطات الرياضيّة على أنواعها، وفي ابتكار أغنية تعليميّة مع حركات متتالية “قصة حركية”، وفي لعب الأدوار وتمثيل مسرحية هادفة والتقليد، وتنفيذ التصاميم والنماذج، وتأليف ألغاز “قصص محيّرة”.
بعض النشاطات التي تساعد على تحفيز هذا النمط:
- الابتداء بتجربة يقوم بها الطلاب قبل الخوض في مفهوم جديد وتحليلها ثم الاستنتاج.
- تقسيم الصف إلى فرق عمل حول نشاط تعليمي مع توزيع الأدوار عليهم.
- تنظيم رحلة تربويّة هادفة.
- تشجيع المشاريع التربويّة وتدريب الطلّاب عليها.
اختبر طريقة تعلّمك وتفاعلك مع محيطك
اختر من المقترحات الثلاثة، لكلّ من الحالات الآتية، ما يتناسب أكثر مع شخصيّتك. ستلاحظ في نفسك أشياء ربّما لم تكن منتبهًا لها من قبل!!
- عندما تشتري آلة جديدة، تعتمد لتشغيلها على:
أ) طلب الشرح من الآخرين.
ب) قراءة التعليمات.
ت) تُجرّب بنفسك حتّى تتعلّم.
- عندما تسافر أو تبحث عن مكان تقصده:
أ) تطلب التعليمات من الآخرين.
ب) تتبع التعليمات من الخريطة.
ت) تستخدم البوصلة.
- عندما تطبخ طبقًا جديدًا:
أ) تكلّم صديقك وتطلب تعليماته.
ب) تتبع الوصفة عن الإنترنت أو في أحد كتب الطبخ.
ت) تجرّب بنفسك وتتذوّق.
- عندما تريد تعليم الآخرين شيئًا:
أ) تشرح شفهيًّا.
ب) تكتب التعليمات على لوح مع رسومات بيانيّة إن أمكنك.
ت) تعطيهم رؤوس أقلام وتتركهم يبحثون.
- عندما تريد إظهار التعاطف مع الآخرين أية عبارة تستخدمها أكثر:
أ) أنا أسمع ماذا تقول.
ب) أنا أرى ماذا تريد قوله.
ت) أنا أعلم ما تشعر به.
- عندما تريد تقديم شكوى عن بضاعة فاسدة أو فيها عيب ماذا تفعل:
أ) تقوم بالاتّصال هاتفيًّا.
ب) تكتب رسالة شكوى وترسلها -عبر الإيميل مثلًا-.
ت) تذهب بنفسك للمتجر وتقابل المسؤول.
- ما هو النشاط الذي ترغب في ممارسته أكثر:
أ) الاستماع للمحاضرات.
ب) زيارة المعارض “ثياب، لوحات، المعارض التعليميّة…”.
ت) النشاطات الاختباريّة والرياضيّة.
- عندما تريد الذهاب في عطلة:
أ) تسأل في وكالات السفر.
ب) تبحث في إعلانات وملصقات المجلّات والإنترنت عمّا يناسبك.
ت) تتخيّل المكان الذي تريده وماذا تريد أن تفعل ثمّ تقرّر.
- عندما تريد اكتساب مهارة جديدة من معلّمك:
أ) تخبر المعلّم عمّا ستقوم به بالتفصيل.
ب) تشاهد ما يقوم به المعلّم وتقلّده.
ت) تجرّب بنفسك ومن ثمّ تقوّم وتعدّل.
- عندما تنزعج أو تغضب:
أ) تخبر من حولك أنّك منزعج.
ب) تعيد شريط الأحداث التي أزعجتك في بالك.
ت) تقوم بحركات تعبّر عن انزعاجك -مثلًا السير ذهابًا وإيابًا-.
- ما الذي يفقدك التركيز أكثر:
أ) الكلام، الغناء أو الأصوات من حولك.
ب) عدم ترتيب الغرفة، أي أنّك ترتّب المكان قبل المباشرة بعملك.
ت) تحرّك الآخرين حولك.
- عندما تنسى تفاصيل حدثٍ ما:
أ) تنسى الوجوه ولكن تتذكّر الأسماء.
ب) تنسى الأسماء ولكن تتذكّر الوجوه.
ت) تتذكّر فقط ماذا فعلت بخطوطه العريضة.
- عند محادثاتك مع الآخرين:
أ) تستمع وتتكلّم على حدّ سواء.
ب) تتكلّم قليلًا وتستمع أكثر.
ت) تتكلّم مع حركة يدين وجسد كثيرة.
- ما الذي يشجّعك أكثر للمثابرة:
أ) سماع كلمة شكر.
ب) رسالة شكر مكتوبة.
ت) التربيت على كتفك أو مصافحتك.
الآن اكتب أعداد كل حرف حصلت عليه:
أ: …….. ب: …….. ت: ……..
إن كان العدد الأكبر للحرف “أ” فأنت إنسان سمعيّ أكثر.
إن كان العدد الأكبر للحرف “ب” فأنت إنسان بصريّ أكثر.
إن كان العدد الأكبر للحرف “ت” فأنت إنسان جسديّ أكثر.
وفي كلّ الحالات ننصحك بتحسين قدراتك الأخرى عبر ممارسة النشاطات المقترحة في الجزء الأوّل من المقال بغية توسيع دائرة تلقّيك للمعلومات ونقاط تواصلك مع محيطك. كذلك ننصح المدرّسين أن يعملوا هذا الاختبار لتلاميذ صفّهم ثمّ أن يحضّروا نشاطات صفّيّة بشكلٍ ينمّي القدرات الأخرى.