الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد أشرف المرسلين وعلى آله وصحابته الطيّبين الطاهرين. 

أما بعد فإن للصلاة مبطلات إذا فعلها المصلي تفسد صلاته. فمن المبطلات: 

الكلام عمدًا: أي أن يتكلّم المصلي وهو في صلاته بما هو من كلام النّاس مع ذكر أنّه في الصلاة، كأن ينطق بحرفين كهل وبل وآ، والأخير بسبب المدّ صار حرفين، أو أن يتكلّم بحرف واحد لكن بشرط أن يكون هذا الحرف مفهمًا له معنى كأن يقول: قِ بقاف مكسورة فإنّه أمر بالوقاية فبذلك تبطل صلاته إذا كان عامدًا ذاكرًا أنّه في الصلاة أي ليس ناسيًا. أما الناسي والجاهل إذا تكلّم بكلام قليل أي ستّ كلمات عُرفية فأقلّ فلا تبطل صلاته.

الفعل الكثير: فتبطل الصلاة بالفعل الكثير المتوالي، وقال بعض الفقهاء: الفعل الكثير هو ما وسع مقدار ركعة من الزَّمن في آن واحد أي متواليًا، وقال بعضهم: هو ثلاث حركات متواليات كحركة يديه ورأسه أو ثلاث خطوات.

الحركة المفرطة: أي كالوثبة الفاحشة فتبطل الصلاة بذلك، وكذلك تبطل الصلاة بالحركة الواحدة إذا كانت للعب. أما إذا ابتسم أو مسح على رأس ولد صغير مثلًا لإيناسه فلا تبطل صلاته.

زيادة ركن فعلي: كأن عمل ركوعين في ركعة واحدة من صلاة الصبح مثلًا ذاكرًا لا ناسيًا. أما الركن القولي إذا كرّره المصلي فلا تبطل الصلاة، فلو كرّر الفاتحة أربع مرات مثلًا في ركعة واحدة لم تفسد صلاته.

الأكل والشرب: فتبطل الصلاة بالأكل والشرب إلا إذا كان مع النسيان فإنّه لا يبطل إن كان أكله وشربه قليلًا. وكذا تبطل الصلاة إذا تقيّأ عامدًا أو مغلوبًا. وكذا لو تجشأ فوصل الجشاء إلى ظاهر الفم ولو لم يبلعه، أما إن شكّ هل خرج شىء من الجوف إلى ظاهر الفم عندما تجشأ أو لا فلا تفسد صلاته بذلك.

نية قطع الصلاة أو تعليق قطعها على شىء أو التردّد فيه: فمن نوى قطع الصلاة بطلت صلاته سواء أكانت نية قطع الصلاة في الحال أم بعد مضي ركعة مثلًا. أو علّق قطعها على شىء كأن قال في نفسه إن حصل كذا فإنّي أقطعها فإنّها تبطل في الحال. وكذلك بالتردّد فيه كأن قال في نفسه أقطعها أم أستمرّ فيها فإنها تبطل في كل ذلك حالًا.

الشك في نيّة الإحرام بشرطه: وتبطل الصلاة أيضًا بالشكّ في نيّة الصلاة، فمن شكّ هل نوى أن يصلي في التحرّم -أي في تكبيرة الإحرام- أم لا واستمر هذا الشك حتى مضى ركن وهو يشك فإن صلاته تبطل، كأن قرأ الفاتحة وهو في هذا الشك وكذلك إذا طال زمن الشكّ ولو لم يمض ركن معه. أما إذا تذكّر قبل أن يمضي مع الشك ركن أو قبل أن يطول وقت الشكّ فلا تبطل كأن يشك ثم يزول شكّه سريعًا.

فمن حصل معه شىء من هذه المبطلات فإنّ صلاته تبطل وعليه أن يبتدئ صلاته من جديد.

واللّه تعالى أعلم وأحكم.█