عزيزي القارئ، عليّ تحذيرك من أمر مهمّ جدًّا قبل أن تبدأ قراءة مقالي هذا، فإنّك إن بدأت به ولم تكمله فإنّك لا تعلم ما سيحصل لك بعد سبع ساعات، أكرر تحذيري لك عزيزي القارئ، لا تخرج قبل أن تقرأ هذا المقال كلّه وإلا فإنّك لا تعلم ما سيحصل لك بعد سبع ساعات. هكذا كُتب في بعض رسائل الواتس آب. حسنًا بما أنّك وصلت إلى هذه الجملة فسأبدأ بالكلام عن هذا المقال الغريب العجيب. 

أولًا، عزيزي القارئ أنا لا أعلم ماذا سيحصل لك بعد سبع ساعات سواء قرأت مقالي هذا أم لم تقرأه، لا أنا أعلم ولا أنت تعلم ولا أولئك الذين يطلبون منك عمل «لايك» لمنشوراتهم وصورهم وفيديوهاتهم على الفايسبوك أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي يعلمون. فيا عزيزي القارئ لا يعلم الغيب كلّه إلا اللّه سبحانه، إن قرأت مقالي أو لم تقرأه، إن نشرت المنشور لكل جهات الاتصال لديك أو لم تنشره، فأنت لا تعلم إن كنت ستسمع خبرًا مفرحًا هذه الليلة أو لا. وللعلم أيضًا عدم نشرك لتلك المنشورات أو عدم ضغطك لزر الإعجاب لن يقلب حياتك رأسًا على عقب إلا بمشيئة اللّه. لا أدري حقًّا من أين يأتي هؤلاء الناس بهذا المستوى من سخافة العقل، ولا أدري أيضًا كيف يستميلون هذا الكمّ الضخم من المتابعين والمعجبين بصفحاتهم ومنشوراتهم. هل وصلنا إلى هذه الدرجة من التمسّك «بحبال الهوا» كما يقولون؟ هل فعلًا كل هؤلاء الذين ضغطوا زر الإعجاب لم يعد لديهم بصيص أمل سوى هذه المنشورات؟

ثانيًا، لا أدري من أين علم أصحاب هذه الرسائل «الواتسآبّيّة» أن القارئ تلفظ بكلمة «واللّه» عندما يكتبون «واللّه لن أخرج قبل أن أنشرها لعشرة أشخاص» ثم يقولون: «لا تنس أنك حلفت»؟ من أين أتوا بهذه الفتوى؟ ما الذي أكّد لهم أن قارئ المقال قد حلف باللّه عند قراءته لرسالتهم؟ حسبنا اللّه ونعم الوكيل. لكن ما يصدمني أكثر أنّني أتلقى يوميًّا عشرات الرسائل من هذا النوع. رسائل من هذا النوع حقًّا هي من أكثر الأسباب التي تصيبني بالقشعريرة والغضب. رسائل لم يأت على ذكرها القرءان ولا الحديث ولا إجماع العلماء ولا قالها أحد من العلماء يقحمون فيها الدين الحنيف ويضحكون فيها على سخفاء العقول فيجرونهم إلى الفساد ويضرونهم في معتقدهم.

ثالثًا، عبارة أخرى تأتي في هذه الرسائل حيث أعجز عن العثور على عبارة تعبّر عن مدى انزعاجي واشمئزازي من غالبها، وهي «إذا لم تنشرها فاعلم أن الشيطان منعك» أو عبارة «إذا لم تقرأها كاملة فاعلم أنك ضعيف الإيمان». صدقًا إن الدين بريء من هذه العبارات الواردة في هذه الرسائل. قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلامُ على خمس شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدًا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحجّ البيت وصوم رمضان» رواه مسلم، هذه هي دعائم الإسلام وقواعده فمَن أدّى الواجبات واجتنب جميع المحرّمات يكون مسلمًا كاملًا. لم يأت الرسول على ذكر نشر الرسائل النصية في هذا الحديث ولا في غيره. كفاكم تلاعبًا بالدين وتوبوا إلى اللّه مما تنشرون باسم الدين.

رابعًا، بعض المنشورات الغريبة العجيبة تقول «شاهد في الرابط أدناه عصفورًا يصلي» أو «اضغط على الرابط لتشاهد فيديو البقرة التي تنطق بالشهادتين». غالب هذه المنشورات هي عبارة عن فيروسات إلكترونية ناهيك عن أنّها فيروسات للعقول. البهائم لا عقل لها، البهائم لا تعقل، لا تصلي ولا تصوم وهذا أحد الأشياء التي تميّز الإنسان عن البهائم، العقل. العقل الذي جعله اللّه فينا لنميّز بين الحق والباطل العقل الذي برأيي أغلب الناشرين لهذه الرسائل والمنشورات لا يستعملونه عند ضغطهم «إعجاب» أو «نشر».

خامسًا وأخيرًا «شاهد حية برأس حمار» أو «طفل برأس قطة». وهنا يتفنّن ناشرو هذه الصور بمهارات الفوتوشوب التي تعلّموها، فنرى الصور المركبة وبطريقة غير فنيّة بتاتًا. هل تساءل من يضغط لايك أو من ينشر هذه الصور على صفحته ولو للحظة، لـِمَ لـم نسمع بهذه الغرائب والعجائب في نشرات الأخبار؟ وهي السبّاقة دومًا للسبق الصحفي. هل تساءل هؤلاء الأشخاص لم لا نجد هذه الصور إلا على هذه المواقع السخيفة؟ هل تساءل هؤلاء ولو للحظة لـِمَ لـم تورد شبكة أخبار CNN هذه الصور؟ ربما «الشيطان منعهم» كما يزعمون.█