لا يخفى على أحد منكم أعزائي المدرّسين أنّ للتطوّر التكنولوجي الأثر الكبير على طلّابنا وعلى حياتهم اليوميّة التي أصبحت الهواتف المسمّاة ذكيّة جزءًا رئيسًا منها. لذلك يلاحظ الكثير منّا أنّه لم يعد يكفي الدخول إلى الحصّة التعليميّة مع عدّة تقتصر على مجرّد «طبشورة» لأنّ العدّة المتوفّرة بين أيدي طلّابنا يمكنها أنّ توفّر لهم بلحظات المعلومات التي نحتاج ساعاتٍ طويلة لنكتبها باستخدام «الطبشورة». من هنا ظهرت أهمّيّة البرامج التي من شأنها أن تساعدنا كدعمٍ بصري مثل: «Microsoft Power Point» وبريزي «Prezi»… لهذه البرامج نقاط جيدة أبرزها: توفير وقت كتابة المعلومات خلال الحصّة التعليميّة، تأمين دعم بصري خاصّة للتلاميذ ذوي النمط البصري، عرض المعلومات بطريقة متسلسلة ومُنظّمة. ولكن ليس كلّ من استعمل هذه البرامج أتقنها، فيوجد أسس معيّنة تجعل العرض أكثر نجاحًا، دعونا نتعرّف إليها.
تصميم الدعم البصري
لقد أظهرت الأبحاث أنّ المتعلّم يسمع أسرع ممّا يقرأ ويرى أسرع ممّا يسمع. كذلك هو يتلقّى المعلومات من صورة مبسّطة أسرع ممّا يتلقّى المعلومات نفسها مكتوبة بشكل نصّ. بناءً على ذلك شجّع الباحثون في مجال التربية استخدام برامج العروض الشفهيّة «Oral Presentation» كدعم بصري للدرس. ولكن لا يشكّل ذلك أكثر من كونه دعمًا بصريًّا. فهو لا يحلّ مكان الشارح والمدرّس وليس هو الدرس بحدّ ذاته. لذلك، كي يؤدّي المأمول، ينبغي مراعاة ما يلي:
1) أن يكون تصميم العرض واضحًا أوّلًا بالنسبة للأستاذ قبل إعداده.
2) أن يحوّل الأستاذ هذا التصميم إلى خطّة مع عناوين واضحة للمتلقّي.
3) ألّا يكون عدد صفحات العرض كبيرًا فالعرض محدود بالوقت: ومعدّل وقت الصفحة الواحدة من العرض دقيقتان… حضّرها على هذا الأساس واحسب بناءً عليه عدد الصفحات المناسب لحصّتك مع الاحتياط واحتساب وقت للراحة -كل 15 دقيقة اقطع العرض بشىءٍ آخر تجنّبًا للملل ثمّ تابع- وللوقت الضائع «توزيع أوراق، أحاديث جانبيّة، أسئلة وأجوبة…».
4) أن تُعرض خطّة العرض «plan» في البداية ثمّ يكون على كلّ صفحة من العرض عنوانًا يساعد التلميذ على تحديد المكان الحالي بالنسبة للعرض ككل.
5) ألّا تتعدّد الأفكار في الصفحة الواحدة، وأن يكون العنوان معبّرًا عن فكرة كل صفحة. لذلك ينبغي للمُدرّس تجزيء أفكاره قدر المستطاع. فيُنصح بعدم إنهاء فكرة في بداية صفحة… وإذا ما حصل ذلك فهل هذا التشويق فعلًا لا غنًى عنه؟ أو هل هو يخدم عمليّة التعلّم؟ القرار الأخير لكم.
6) أن تبقى القواعد نفسها في كلّ الصفحات «الخط وحجمه، حجم العناوين…» ولا مانع من تنويع العرض «نوع الرسم البياني، ترتيب الكلمات المفاتيح». ولكن ينبغي تجنّب تعداد أساليب التلقّي لغير حاجة فعليّة تخدم أهداف العرض: مثلًا ينبغي تجنّب اقتران الصورة والمقاطع الصوتيّة بلا حاجة تعليميّة.
7) أن يتجنّب المدرّس النصوص الطويلة والاستعاضة عنها إن أمكن بصورٍ ورسومٍ بيانيّةٍ ملخّصةٍ لأنّ قراءة النصوص الطويلة تشتّت انتباه التلميذ عن الاستماع لشرح الأستاذ. وإن لم يكن بدّ من النصّ فيُستحسن اعتماد الجمل القصيرة التي لا تتعدّى كلّ واحدة منها الـ 12 كلمة مع تجنّب التسطير «underline» والتغميق «bold» إلّا للكلمة التي تودّون الإضاءة عليها.
8) أن يستخدم المدرّس المساحة المخصّصة لكلّ صفحة بالشكل المناسب: اشغل فقط % 50 من المساحة المخصّصة لكلّ صفحة فـ«الفراغ» يساعد على إراحة البصر وبالتالي عدم الحشو يساعد على الانتباه وفهم المحتوى: ضع المعلومة المحوريّة في الوسط إن أمكن وحولها المتفرّعات… ابتكر الشكل الذي يناسب الرسالة التي يراد إيصالها.
9) أن توضع الرسوم البيانيّة في الواجهة مع اختيار شكل الرسم الذي يتناسب أكثر مع المعلومة. مثلًا اختيار الـ «graph» لإظهار تغيّر شىء بالنسبة للوقت. مع حذف كل المعلومات غير الأساسيّة كالشرح فإنّ المدرّس سوف يقوم به أو يطلب من التلاميذ استخراجه عبر التحليل. أو مثلًا إذا اختير الرسم البياني الدائري «pie chart» لعرض معلومة موزّعة على عشرين حصّة يكون اختيارًا غير مناسب للمعلومة لأنّ قراءتها على هذا الشكل يستغرق وقتًا طويلًا. في هذه الحالة يستحسن اختيار العرض بشكل جدول أو اختصار الحصص -إن أمكن- إلى ستّة كحدّ أقصى.
10) استثمار الألوان: فالألوان تساعد في تحفيز القراءة، وعلى تنظيم المعلومات وعلى حفظها، لكن شرط ألّا يكون هذا الاستخدام عشوائيًّا بغية الزينة: فلا تجعل أكثر من أربعة ألوان واجعل لكلّ لونٍ رمزًا موحّدًا لكل صفحات العرض بشكل يربط نفس نوع المعلومات باللون نفسه. اختر لونًا فاتحًا للأرضيّة ولونًا غامقًا للمحتوى مع جعل التباين «contrast» واضحًا بين اللّونين. وانتبه!! الألوان تظهر على شاشة العرض مختلفة عمّا تظهر على شاشتك لذلك جرّب الأدوات قبل وقت العرض.
11) عدم الإفراط في استخدام الـ «animation» إلّا إذا كانت تخدم العرض لأن الإفراط في ذلك يوجّه التركيز إليها أكثر من المحتوى. يُنصح إذًا في استخدامها مع مسوّغ تربوي مثل محاكاة ظاهرة أو عمليّة ما.
التحضير اللّوجستي لحصّة العرض
اعلم أن تنفيذ العرض قد يحمل معه بعض المفاجآت فاحرص على تجهيز المعدّات التي تحتاجها للعرض وتجريبها مسبقًا. يمكنك استخدام اللائحة الآتية لاختيار ما تحتاجه والتأكّد من وجوده:
– جهاز كمبيوتر.
– أداة تسليط الصورة «projector» مع كابلاتها المناسبة لجهاز الكمبيوتر المستعمل.
– شاشة بيضاء.
– الاتّصال بالانترنت.
– الأقلام الخاصّة للكتابة على اللوح الأبيض.
– مكبّر صوت «speaker».
– ميكروفون «microphone».
– كاميرا.
– أوراق.
– أقلام للكتابة على الأوراق.
– مفتاح «USB».
– ملفّات لحفظ الأوراق.
– مؤشّر لايزر.
– أرقام هواتف التقني والمسؤول عن قاعة العرض في حال احتيج إليها.
ولأنّ مجال التكنولوجيا هو مجال المفاجآت غير المتوقّعة، حضّر دائمًا «الخطّة ب» مثل طبع العرض على أوراق تستخدمها في حال تعطّل أحد الأجهزة ساعة العرض. وفي كلتا الحالتين سوف تستفيد من ذلك لأنّه ينبغي في نهاية العرض توزيع مستند للتلاميذ يكون لهم مرجعًا بعد ذلك.
أثناء العرض…
إن شخصيّتك هي الأساس في العرض، ومهما كان المحتوى مشوّقًا فإن طريقة تقديمه تزيده تشويقًا:
- تجنّب مجرّد قراءة ما يوجد في صفحات العرض ولكن اجعل ما فيها داعمًا للشرح الذي تقدّمه.
- لا تُدِر ظهرك للتلاميذ بغية التركيز على محتوى العرض.
- لا تمرّ على شىءٍ في صفحات العرض دون التعليق عليه.
- عند قلب صفحة ما أعطِ تلاميذك بضع ثوانٍ من الصمت للدخول في محتوى الرسوم.
- اشغل بجسدك مساحة الصفّ كالعادة ولا تكتف بالوقوف خلف الطاولة أو أمام شاشة العرض بل أظهر لتلاميذك تمكّنك من المعلومة وأنّ تقنيّة العرض ليست لتعويض عدم تمكّنك من المحتوى.
مهما تعدّدت وسائل الإيضاح تبقى شخصيّة المُدَرّس هي الأساس فهو من يديرها ويحدّد كيف يستخدمها في خدمة العمليّة التربويّة. █