تعلو رائحة السمن في الأحياء… لقد اقترب وقت الغروب ونشطت المحلّات التي تبيع الحلويات الرمضانيّة في إعداد أنواع الحلو الشهيّة التي يطلبها الزبائن. بعض هذه المحلّات قديمة العهد وبعضها حديثة العهد وتجد أيضًا بعض الباعة الذين يستحدثون أمام دكّانهم مقلاةً لإعداد الكلّاج أو القطايف أو غيرها من الحلويات التي يكثر بيعها في رمضان، فتشكّل لهم مصدر دخل إضافي. إلّا أنّ بعض المحلّات لا تضاهي غيرها فهي مقصودة حتّى من نواحٍ بعيدة. حتّى إنّنا نجد أحيانًا بعض المحلّات متخصّصة بنوع حلو معيّن، لا تبيع غيره… أو تتفوّق بالمهارة في إعداد نوعٍ معيّن أكثر من أنواع أخرى: فأحدهم يشتهر بإعداد الكنافة والآخر بإعداد حلاوة الجبن والثالث بإعداد معمول المدّ. وليس هذا إلّا نتيجة مهارة في الإعداد توارثها الأبناء عن الأجداد.

لقد بدأ مؤسس محل من محلات الحلو ذات الأسماء الكبيرة في مدينة بيروت تجارته بموارد بسيطة. وهو الجدّ لأصحاب المحلّ الحاليين. كان يصنع هو وزوجته الحلويات منزليًّا بالسمن الحموي: مثل الصفوف، ومعمول المدّ… وكان يجول بالشوارع ومعه عربة تحتوي منتجاته… منتجات أعجبت الزبائن مما دفع بالابن لتطوير الحرفة وتوسيع دائرة التوزيع: فمن العربة إلى التنقّل بالسيّارة، جال الابن في أغلب لبنان وتوسّعت دائرة زبائنه. الأمر الذي دفع بالحفيد لتعلّم أصول العمل والاستفادة من إرث والده وجدّه في هذه المجال. فصار عنده محلّه الخاص الذي أصبح له لاحقًا فروع في نواحٍ عدّة.

ليست مهنة سهلة كما يظنّ البعض فالسرّ في وضع المقادير والكمّيات المناسبة ليتميّز المنتج عن غيره، كذلك من المهمّ مراعاة شروط النظافة وحفظ المنتج بطريقة صحّية تفاديًا لما قد يسبّب أمراضًا ومضاعفات عند المستهلك. لذلك لا يسهل اشتهار المحلّات الجديدة بين الناس أو تفوقها على المحلات المشهورة لأن هذه الأخيرة صارت متخصّصة، على دراية بطلب السوق وأسرار المهنة… فعلى أصحاب المحالّ الحديثة بذل الجهد للحصول على المزيج الخاص بهم والصنف الذي يميّزهم عن غيرهم للتمكّن من منافسة عشرات السنوات من الخبرة، والتي تناقلها أصحاب المحالّ هذه أبًا عن جدّ.

ظواهر مدهشة…

الصحراء والصريف الصحراوي

في شهر رمضان المبارك يكثر أيضًا استهلاك التمر الذي موطنه بلاد صحراوية غالبًا… هيّا بنا للتعرّف على تلك النواحي.

تعتبر الصحارى ظواهر بحدّ ذاتها فهي مساحات شاسعة، رملية عادةً، غير مأهولة ولكنّها تتمتّع بثروة حيوانيّة خاصّة بها، ونباتيّة، ولو قليلة، خاصّة بها، تؤمّن لها توازنها البيئي.

تشغل الصحارى مساحات كبيرة من الوطن العربي خاصة في شبه الجزيرة العربيّة وأفريقية، ففي شبه الجزيرة العربيّة، تشغل الصحارى ما يقارب %28  من المساحة العامّة. في حين تشكّل نسبة الصحارى بالإجمال ثلث المساحة العامّة للأرض. تعتبر هذه النواحي من النواحي القاحلة جدًا أي أنّ المطر لا يهطل فيها إلا نادرًا.

نصادف في الصحارى العديد من المعالم الجيولوجية على السطح مثل المسطّحات الرملية، التلال والهضاب، أو حتّى الكهوف. إلّا أنّ الصريف الصحراوي يشكّل ظاهرة مميّزة. فهو عبارة عن مسطّحات صحراويّة مغطّاة بفتات صخري يتألف من تشابك جزيئات من حصى ورقع صخرية. وقد حيّر الصريف الصحراوي الباحثين في علم الجيولوجيا الذين قدّموا نظريات متعدّدة عن أسباب نشوئها هل هي بسبب الرياح أم غيرها. وبعضها مصدره تدفقات الحمم البركانية المغطاة بطبقات تربة أحدث، أو هو متألّف الركام من الحمم البركانية نفسها. وقد تراكمت عليها التربة.

فسبحان اللّه ربّ العالمين.