الحمد للّه ربّ العالمين، وصلّى اللّه وسلّم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد فإن الزكاة هي أحد الأمور التي هي أعظم أمور الإسلام، قــــــــــــــال اللّه تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءاتُوا الزَّكَاةَ﴾ سورة البقرة/43، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدًا رسول اللّه وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة» الحديث رواه مسلم وغيره.
وزكاة البدن فريضة على كل مسلم عليه وعلى من عليه نفقتهم إذا كانوا مسلمين بشروط مخصوصة. وهي أحد قسمي الزكاة لأن الزكاة إما زكاة مال وإما زكاة بدن وهي زكاة الفطر قيل لها ذلك لأن وجوبها بدخول الفطر وهي تزكية للنفس أي تطهير لها وتنمية لعملها وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة عام فرض صوم رمضان على المشهور. وفي خبر الصحيحين عن ابن عمر رضي اللّه عنهما: «فرض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير».
وهي تجب بإدراك جزء من رمضان وجزء من شوال وذلك بإدراك غروب شمس آخر يوم من رمضان على من كان بصفة الوجوب. فلا تجب فيما حدث بعد الغروب من ولد أو غنًى أو نكاح، والمراد بالغني في هذا الموضع أن يكون للشخص مال يخرجه زكاة فاضلًا عن دينه وقوته وقوت من عليه نفقته وعن كسوته ومسكنه اللائقين به يوم العيد وليلته. وأما من طرأ له القدرة على ذلك بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان في أثناء الليلة أو يوم العيد فلا يلزمه الإخراج.
ويزكي الشخص عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من المسلمين مثل الزوجة والولد الصغير والوالد الفقير وليتنبه إلى أنه لا يصح إخراج الفطرة عن الولد البالغ ولا الوالد الغني إلا بإذنهما فإن كثيرًا من الناس يغفلون عن هذا الحكم.
ووقت زكاة الفطر يبدأ من أول رمضان لكن السنة إخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد ويحرم تأخيرها عن يوم العيد أي إلى ما بعد غروب الشمس بلا عذر.
وأما مقدار هذه الزكاة عند الإمام الشافعي فهي عن كل شخص صاع من غالب قوت البلد. والصاع أربعة أمداد والمد ملء الكفين المعتدلتين.
وتعطى الزكاة للفقير والمسكين وغيرهما ممن يستحقها وهم الأصناف الثمانية الذين ذكرهم اللّه تعالى في القرءان الكريم ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ سورة التوبة/60، ولا يجوز دفع الزكاة إلى غيرهم فيعلم من هذا أنه لا يجوز دفع الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات والمساجد فمن دفع زكاته لشىءٍ من هذا ليعلم أن زكاته ما صحت ويجب عليه إعادة الدفع للمستحقين.