يختلف الناس بعضهم عن بعض في أشياء كثيرة منها: أشكالهم وألوانهم وطولهم وعرضهم وأعراقهم، وهم يختلفون أيضًا في سلوكيّاتهم وأنماط معيشتهم. وكلامنا في هذا المقال عن اختلافهم في ما يسمّى بـ«الأنماط الزمنيّة»، إذ يميّز الباحثون في الصحّة السلوكيّة بين الأشخاص الليليين -أو المسائيّين- والأشخاص الصباحيين، هذه الفئة الأخيرة يميل أفرادها إلى الذهاب إلى الفراش في وقت مبكر من المساء والاستيقاظ مبكرًا في الصباح، وتكون ذروة أدائهم في أوّل اليوم، في حين يميل الأشخاص المسائيون للذهاب إلى السرير في وقت متأخر من المساء والنوم لوقت متأخر من النهار، وهؤلاء الأشخاص لا يقبلون على أعمالهم إلّا في وقتٍ متأخر في فترة ما بعد الظهر. دعونا نتعرّف أكثر على الفروقات بين هذين النمطين ومن ثمّ نقدّم بعض النصائح للأشخاص المسائيين قد تساعدهم ليصبحوا أشخاصًا صباحيّين علمًا أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «بورك لأمّتي في بكورها» رواه الطبراني. فالاستيقاظ باكرًا والنوم بعد العشاء ممدوحان ومن أسباب البركة في النهار.
فروقات صحّيّة
تظهر الدراسات أنّ الأشخاص الصباحيّين لديهم معدل ضربات قلب منخفض نسبيًّا وأقرب إلى المعدّل المطلوب في الحالات الطبيعيّة، كما أن معاناتهم من مشكلة توقف التنفس أثناء النوم تكون أقل بما يصل إلى النصف مما يعانيه الأشخاص الليليون، وتكون أوزان أجسامهم أقل أيضًا مقارنة مع الآخرين، وبالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يعاني الأشخاص الليليون مشاكل في مستويات الكوليسترول في الدم، ويعانون من الشخير ومن مستويات أعلى من هرمون الكورتيزول، وهو هرمون الإجهاد، كما أنه من العادة أن يكون الأشخاص الليليون أكثر إصابة بالقلق والاكتئاب من الأشخاص الصباحيّين، ويكون لديهم معدلات أعلى من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD، ويكونون أكثر قابلية للإدمان، أما الأشخاص الصباحيون فهم بالعادة أكثر مرونة في التعامل مع التوتر.
عادات الأكل
إن نمط حياة الأشخاص الليليين قد يؤدي إلى سوء انتظام في إفراز كل من اللبتين والغريلين، وهي الهرمونات التي تتحكم بالشهية والجوع، وهذا بدوره يؤدي إلى الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والسكريات المكررة بشكل خاص. وهذا الأمر هو من الأسباب التي تسبّب لهم المشاكل الصحّية.
الحياة المهنيّة
يلاحظ الباحثون أنّ الأشخاص الليليّين ينجذبون تجاه الفنون والتجارة لأنّ نمط عمل الشركات ودوام العمل الباكر لا يتلاءم مع ساعات استيقاظهم ونومهم. وعلى العكس، فإن الأشخاص الصباحيين قد يعانون من الإرهاق في أعمال في ساعات متأخرة من الليل.
مراحل الحياة
بشكل عام، يكون الأطفال من الأشخاص الذين ينهضون في وقت مبكر من الصباح، ولكن عندما نصل إلى سنوات ما بعد البلوغ، فإن غالبية الأشخاص يتبدلون ليصبحوا من الذين يستيقظون في وقت متأخر من اليوم ويكونون أكثر نشاطًا في الليل، وأنماط النوم هذه قد تستمر أو لا تستمر على مدى المرحلة التالية من عمر الشخص إلّا أنّه، وبشكلٍ عامٍ أيضًا، مع التقدم في العمر، فإن معظم الأشخاص يصبحون صباحيّين.
كيف تصبح صباحيًّا؟
تعرض لضوء الشمس
نور الشمس الطبيعي له دور في انتظام ساعتنا البيولوجية، وإنّ النور الصناعي كان له أثر بالغ في اختلال دورة النوم عند البشر. فلو لم يكن لديك مصباح كهربائي يجلو الظلام، قد تخلد إلى النوم بعد العشاء كما كان أجدادنا يفعلون.
السرير للنوم فقط
تجنب استخدام هاتفك أو الكمبيوتر وأنت في السرير لأن هذا يحفز الجهاز العصبي ويجعلك متيقظًا. فالألعاب تجعلك منتبهًا أكثر، والدخول إلى شبكات التواصل الاجتماعي قد يفتح حوارًا يحفز الذهن أكثر مما ينبغي فيطير النوم من عينك. فحاول أن تتجنب هذه المثيرات قبل النوم مباشرة.
الرياضة
إنّ ممارسة الرياضة يوميًّا من شأنه أن يجعل نومك أفضل في المساء. فللرياضة تأثير كبير في حالتنا المزاجية وهو ما ينعكس بقوة على مستوى أدائنا العام.
حاول الاستيقاظ باكرًا وستجد وقتًا كافيًا للوصول إلى عملك أو للقيام بأشياء لم تكن تستطيع فعلها… ستجد أن اليوم أصبح أطول مما اعتدت عليه وأنك تنجز فيه أكثر مما اعتدت أن تنجزه في نمط حياتك المسائي.