النحل هو ذباب العسل، وهو حشرة صغيرة غذاؤها من الفضول الحلوة والرطوبات التي يرشح بها الزهر والورق ويجمع ذلك كله ويدخره وذلك العسل وأوعيته، ويجمع مع ذلك رطوبات دسمة يتخذ منها بيوت العسل وهذه الدسومات هي الشمع. والنحل يرعى الزهر فيستحيل في جوفها عسلًا وتلقيه من أفواهها فيجتمع منه القناطير المقنطرة. واختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النحل والمرعى وقد يختلف طعمه لاختلاف المرعى. 

ومن شأن النحل في تدبير معاشه أنه إذا أصاب موضعًا نقيًّا بنى فيه بيوتًا من الشمع أولًا ثم بنى البيوت التي تأوي فيها الملوك ثم بيوت الذكور التي لا تعمل شيئًا. والذكور أصغر جرمًا من الإناث، وهي تكثر المادة داخل الخلية، وإن طارت فهي تخرج بأجمعها وترتفع في الهواء ثم تعود إلى الخلية. والنحل تعمل الشمع أولًا لأنه لها بمنزلة العش للطير فإذا ألقته قعدت عليه وحضنته كما يحضن الطير، فيكون من ذلك البزر دود أبيض تتغذى عليه ثم تطير وهي لا تقعد على أزهار مختلفة بل على زهر واحد وتملأ بعض البيوت عسلًا وبعضها فراخًا. والملوك لا تخرج إلا مع جميع النحل فإذا عجز الملك عن الطيران حملته. ومن خصائص الملك أنه ليس له حمة يلسع بها، وأفضل ملوكها الشقر وأسوؤها المرقّط بسواد.

والنحل تجتمع فتقسم الأعمال فبعضها يعمل العسل وبعضها يعمل الشمع وبعضها يسقي الماء وبعضها يبني البيوت. وبيوتها عجيبة لأنها مبنية على الشكل المسدس، فلا تبني بيتها مستديرًا ولا مربعًا ولا مخمسًا وذلك لأن الشكل المسدس إذا جمع إلى أمثاله اتصل من غير فروج كأنه قطعة واحدة وكل هذا بغير مقياس منها ولا آلة بل بإلهام اللّه تعالى لها. وهي تتخذ البيوت أولًا فإذا استقر لها بيت خرجت منه فرعت وأكلت من الثمرات ثم أوت إلى بيوتها..