مواضيعنا لليوم في هذا المقال مشوقة للغاية إذ نتكلّم عن ظاهرة تتعلّق بالقمر عندما يكون بدرًا وعن مراحل استخراج زيت الزيتون، لنجمع بين بريق نور الأوّل ولمعان صفار الثاني، فيضيء المقال بكلمات بهيّة… هيّا نقرأها معًا.

أيدٍ ماهرة…
من الزيتون إلى الزيت

بعضنا يستلذّ بمذاق الزيت ويضيفه إلى أكلاته كمنكّه ممتاز، وبعضنا يأكله لفوائده الطبّية، وتجد من يدهن جسمه وشعره به لتقويتهما… ولكن قليل منّا يعرف المراحل التي يمرّ بها قبل أن يزيّن موائدنا. 

قبل عشرات السنوات كانت المعاصر التقليديّة الوسيلة الوحيدة لاستخراج الزيت من الزيتون، وهي لا تزال موجودة في بعض القرى اللبنانيّة والفلسطينية وسائر دول الحوض الشرقي للبحر المتوسّط والمغرب العربي، وتعدّ مصدر رزق الأُسر التي تشغّلها رغم أنّها موسميّة إلّا أنّ مردودها قد يكون كبيرًا وكافيًا للعام كلّه. وقد دخلت تقنيّات حديثة على هذه المصانع وساهمت بتقليص أوقات مراحل العصر ولكنّها بالمقابل طرحت تساؤلات كثيرة عن جودة المنتج. ومن هذه التساؤلات التمييز بين الزيت المعصور على حرارة عالية من جهة، وهو ما يحصل غالبًا مع التقنيّات الحديثة الأمر الذي يخفّف من جودة الزيت وفوائده، والزيت المعصور على البارد من جهة أخرى، وهو ما يميّز المعاصر التقليديّة والقديمة ويحافظ على جودة الزيت وخصائصه المفيدة. وفيما يأتي الخطوات الأساسية لاستخلاص زيت الزيتون ومنها: رعاية الشجر وقطاف الثمر، والغسيل، والجرش، وأخيرًا فصل الزيت وتنقيته.

رعاية الشجر وقطاف الثمر

تتطلّب رعاية الشجر جهدًا كبيرًا طيلة فترة العام وذلك عبر مراقبة كميات الأمطار التي تعرّضت لها الأشجار لتشبيعها بالريّ المناسب إن تطلّب الأمر.

تُقطف الثمار في فصل الخريف، وتُعتمد في بعض القرى طُرق بدائيّة في ذلك، فينشر المزارعون بُسُطًا «نايلون» تحت الأشجار ويقومون بطرق الغصون المثمرة بعصًا طويلة، وقد يتسلّق أحدهم الشجرة للوصول إلى حيث لم تصل العصا. تبدأ من بعدها عمليّة الفرز فتزال الأوراق التي تسبب الطعم المرّ للزيت في حال بقائها.

الغسيل

بعد تنقية حبّات الزيتون من الأوراق والشوائب، تُغسَل في حوض لا تتجاوز مساحته الـ60 مترًا مربّعًا باستخدام رشاشات مياء لإزالة أيّة أوساخ أو مواد غريبة قد تكون موجودة على سطحها، ومن ثمّ تصفى.

الجرش

تهدف مرحلة الجرش إلى إخراج الزيت من الثمار عن طريق تمزيق الخلايا التي تتخزّن فيها داخل الثمرة. وتُعتبر من أهمّ المراحل لأنّها تؤثّر بشكل كبير على جودة الزيت وكمّيته، فينبغي الحرص على عدم تعريض الزيت للهواء لمنع تأكسده وبالتالي تغيير نكهته.

في المعاصر القديمة، كانوا يعتمدون على بهيمة لتأمين دوران الرحى. أمّا في المعاصر الحديثة يتمّ استخدام أجهزة جرش معدنية.

تؤثّر درجة حرارة الطحن على سرعة خروج الزيت، فكلّما زادت الحرارة خرج الزيت أسرع، حيث تقلل من لزوجته، لكنّها تسبّب بعض التغيرات الكيميائية والبيوكيميائية في عجينة الزيتون مع هدم للخواص الحسية للزيت. ومن أسباب ارتفاع درجة الحرارة أثناء الخلط والجرش: زيادة سرعة دوران المطحنة أو نتيجة لإضافة ماء دافئ. لذلك تُعتبر أيضًا المطاحن التقليديّة أكثر جودة لأنّها أبطأ ولأنّها تعتمد العصر على البارد.

فصل الزيت وتنقيته

بعدها يُصبّ الزيتون المجروش، والذي أصبح كالمعجون، على أطباق دائرية مصنوعة من نبات الدوم أو من جريد النخل، ومتراصّة فوق بعضها، ويتم عصره، ومن ثم يصب داخل حفرة حيث يرقد الماء في القاع ويطفو الزيت على السطح، فتتمّ تصفيته. ويبقى في الأطباق الدائريّة ما يُسمّى «الجفت» وهو فتات البذور التي طُحنت أيضًا وألياف الثمر.

قد تستغرق عملية عصر الزيتون إذًا يومًا كاملًا، ويستخرج ما معدّله 120 ليترًا صافيًا من الزيت من كلّ 600 كيلوغرام من الزيتون، تنتهي على موائدنا فهنيئًا مريئًا.

ظواهر مدهشة…
القمر العملاق

يلاحظ المراقب أنّ حجم القمر وهو بدر قد يختلف من شهرٍ لآخر. وقد أُطلق عليه حينما يكون حجمه الأكبر اسم: القمر العملاق. يُفسّر البعض هذه الظاهرة كنتيجة لتزامن اكتمال القمر مع وصوله إلى أقرب نقطة من الأرض في مداره الذي يسبح فيه. ويكون بحسب ما يظهر للناظر، حجم البدر أثناء هذه الظاهرة أكبر بـ %14 وأكثر إشراقًا بـ %30، مقارنةً مع أصغر حجم يبلغه. وقد شوهدت هذه الظاهرة مرّات متعدّدة آخرها في الرابع عشر من تشرين الثاني 2016، وقبلها في التاسع والعشرين من آب 2015. وقد يظهر لون القمر العملاق مائلًا إلى الاحمرار فيُسمّيه البعض لذلك «القمر الدامي». وقد حدث أن تزامنت ظاهرة القمر العملاق مع حدوث خسوف كلّي للقمر وكان آخر تزامن في 27 و28 أيلول 2015، وقبله في سنة  1982. فسبحان اللّه ربّ العالمين.