تتصاعد التنهيدات من الصدر تصحبها دمعة تسيل على الخد وبسمة تعلو الشفاه، وشعلة الشوق تكوي الفؤاد ولهفة الوصل والوقوف على أعتابه تجعل أجسامنا يسري فيها رعشة لطيفة، تذكرنا بورقة الخريف وهي تسقط حينما تتلاعب بها النسمات وتهدهدها حتى تصل إلى الأرض.

كيف نشرح عشقًا يجعل خفقات القلب أقوى حتى تقارب قرع الطبول، كيف نشرح ولهًا نقش على جدار الصدر اسمه، كيف نشرح هيامًا يكاد الصدر لا يتسع له، فإذا ذكرت اسمه حضنت الأجفان العيون فلا تقوى على فتحها، وسرحت النفس في أحلام اليقظة وغلبتك العبرات.

أيا رسول اللّه عطفًا على قلب أنت فيه كنز السرور، أيا
رسول اللّه عطفًا على قلب أنت له ملجأ وملاذ، ماذا أقول عن من قال عنه ربّه في سورة التوبة: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ١٢٨، ماذا أقول عن حبّنا لنبيّنا وهو علّمنا أحد أسمى أشكال الحبّ والإيثار، فعن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال: قال رسول اللّه ﷺ: «لكل نبيّ دعوة مستجابة، فتعجّل كل نبيّ دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» رواه مسلم.

ماذا نقول عن حبّنا لنبيّنا الشفوق العطوف التي شملت شفقته وعطفه حتى البعير، فقد جاءه جمل وقد ذرفت عيناه، فمسح النبيّ سنامه وذفريه -أي أصل الأذن- فسكن، فقال النبيّ لصاحب الجمل: «شكا إليَّ أنك تُجيعه وتُدئبه» رواه أحمد، أي تتعبه في العمل وطلب من صاحب الجمل التخفيف عنه.

ماذا أقول عن شوقنا
لرسول اللّه ﷺ، فبعد أن كان رسول اللّه يخطب وهو يتكئ على جذع يابس، قال له الصحابة نصنع لك منبرًا يا رسول اللّه، فلما صعد رسول اللّه إلى المنبر سُمِعَ أنين الجذع شوقًا
لرسول اللّه ولم يسكت الجذع حتى نزل الرسول ﷺ والتزمه.

أيّ حبّ نحبّك يا رسول اللّه يا أفضل خلق اللّه، وأنت من أرشدتنا إلى الصراط المستقيم. وحبّنا إليك هو كما وصفته يا أشرف خلق اللّه أيها الصادق المصدوق، فعن أبي هريرة أن رسول اللّه ﷺ قال: «مِنْ أشَدّ أمّتي لي حبًّا ناسٌ يكونون بعدي يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله» رواه مسلم، بأبي وأمّي أنت يا رسول اللّه.