قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾  سورة النجم. وقال تعالى في سورة النساء:
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) صَدَقَ اللهُ العظيم. إنّها قَبَسَاتٌ نورانية وإشراقاتُ خَيْرٍ من هُدَى الطبّ النّبويّ الشّريف تزيد المؤمن إيمانًا، وتشهد بصدق نبيّنا محمّد ﷺ. 

الحمد للّه الملك الحقّ المبين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد إمام المرسلين وقائد الغُرّ الميامين وعلى آله وصحبه الطيّبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

يقول الرسول الأعظم ﷺ: «السّواك مَطْهرةٌ للفم مرضاةٌ للربّ» رواه النسائي، وقبل التحدث عن أسرار السّواك وما فيه من منافع عظيمة للفم والأسنان، نحبّ في البداية أن نبيّن للقارئ أن أساليب حماية الأسنان في طبّ الأسنان ترتكز على ثلاثة عناصر أساسة.

أولًا: الطعام الذي هو العنصر الأول في حلقة تسوس الأسنان.

ثانيًا: تنظيف الأسنان وذلك لمحاربة البكتيريا وإزالة بقايا الطعام من الأسنان لأنها سبب كبير في تسوس الأسنان.

ثالثًا: تقوية بنية الأسنان لتزداد مناعتها ضد التسوس.

لذلك اتجه علم طبّ الأسنان ومنذ سنين بعيدة إلى اتباع استراتيجية حديثة لحماية الأسنان من التسوس عن طريق التوصل إلى طرق ومركبات ومحاليل كيميائية لحماية الأسنان وتقوية بنيتها وذلك بعد مئات السنين من الأبحاث. وبعد جهد كبير وتقدم واسع في العلوم الطبية في العصر الحديث، إلا أن أفضل الخلق وسيّد العالمين ومنذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة أرشدنا عليه الصلاة والسلام إلى كلّ هذا الذي يسعى إليه أطباء الأسنان وخبراء طبّ حماية الأسنان بما آتاه الله تعالى من جوامع الكلم وهدي عظيم ينفع الإنسان في دنياه وآخرته.

مصدر السّواك

إن مصدر السّواك هو من أجزاء مختلفة من النباتات مثل الجذور أو السيقان أو الأغصان أو الفروع. وتختلف هذه الأجزاء التي تؤخذ وتستعمل كسواك من نبات لآخر، فالسّواك منه ما هو من شجر الزيتون أو النخيل أو غيرهما، ولكن أهمّها نبات الأراك الذي يسمّى في بعض البلدان بشجر فرشاة الأسنان والذي قال عنه العالم الرباني أبو حنيفة رضي الله عنه: «هو أفضل ما استيك به لأنه يفصح الكلام ويطلق اللسان ويطيب النكهة ويشهي الطعام وينقي الدماغ وأجوده ما استعمل مبلولًا بماء الورد».

وممّا يجدر ذكره أن أنواع النباتات المختلفة التي تؤخذ لتستعمل كسواك لتنظيف الفم والأسنان وتقويتها تحتوي في مجموعها وبنسب مختلفة على العناصر والمواد الكيميائية التي تقوي بنية الأسنان وتحفظها من التسوس وتقوم بمحاربة البكتيريا التي هي سبب في تسوس الأسنان. كما أن شعيرات السّواك التي يستاك بها الأسنان تعمل عمل الخلال وتحل محل الخيوط المستعملة في عملية تنظيف الأسنان والقضاء على البكتيريا.

فَوائِدُ السّواك الطبيّة في العصر الحديث

اعلموا إخوة الإيمان رَحِمكم الله بتوفيقه أن السواك هو واحد من عدة أمور تستخدمُ للحفاظ على صحة الفم والأسنان.

وفوائد السّواك كثيرةٌ جِدًّا كما اكتشف ذلك خبراء الطّب الحديث وخاصة أطباء الأسنان وعلماؤهم وذلك بسَبب التقنيات الحديثة المـُـتَّبعة في العصر الحديث، ولذلك فإن كثيرًا من الشركات العالمية في بلدان العالم المـُصَنّعة لِمَعَاجين الأسنان المختلفة، لمّا عرفوا ما في مواد السّواك من منافع كثيرة قاموا باستخلاص المواد التي يَتَألف منها السّواك واستخدموها في صناعة مَعَاجين الأسنان. ومن جملة فوائد السّواك ومنافعه التي وجَدَها علماء الأسنان وأطباؤهم عند قيامهم بأبحاثهم الكثيرة للتعرف على السّواك ومواده التي يتركب منها أنَّه أساس مهم للحفاظ على صحة الفم والأسنان فهو يُبيّض الأسنان ويزيل البقع الصفراء والصبغ عن الأسنان وذلك لاحتوائه على مادة الكلور الطبيعي.

والسّواك أيضًا هو أفضل علاج وِقَائي من تسوس أسنان الأطفال وذلك لاحتوائه على مادة الفلورايد. ثم هو أيضًا علاج مهم جدًّا لترك التدخين والتوقّف عنه. والسّواك يساعد على فتح الشهية، ويقتل الجراثيم ويطرد البلغم.

والسّواكُ له تأثيرات نافعة جدًّا على الجهاز الهضمي خُصُوصًا المـعدة، كما أنه يُعين على هضم الطعام، وكذلك يُسَهّل السّواك النطق بالحروف من مخارجها ويُصَفّي الصَّوت، وهو أيضًا مفيد لمرضى السُّكري لأنه يمنع نزيف اللثة. ولْيُعلم إخوة الإيمان أن منظمة الصحة العالمية قد اعتمدت استعمال السّواك كبديل لفرشاة الأسنان في المواضع السكانية الفقيرة، وشددت على تعريف الناس بفوائده ودوره الفعّال في مكافحة تَسَوّس الأسنان وأمراض اللثة.

إن استعمال السّواك كما يقول العلماء يطلق اللسان ويطهر الفم ويرضي الله سبحانه. ويزيد في الثواب لأنه سنّة نبيّنا محمّد عليه الصلاة والسلام. كما أنه يُسوّي الظهر ويهضم الطعام ويقطع البلغم ويزيد في الفصاحة ويجلو البصر ويسكن عروق الرأس، ويفيد المعدة ويجلب الرزق ويسهل نزع الروح ويذكّر بالشهادة عند الموت، فلا تعجبن أن يحض النبيّ المصطفى ﷺ أمّته حضًّا بليغًا على الاهتمام باستعمال السّواك في جميع أحوالهم خاصة عند الاستيقاظ من النوم وعند تغيّر الفم من طول السكوت وعند القيام لأداء الصلاة فقال عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمّتي لَأمرتُهم بالسّواك عند كل صلاة» رواه النسائي. وورد أيضًا عنه عليه الصلاة والسلام: «ركعتان بسواك أفضلُ من سبعين ركعة بغير سواك» رواه البزار. فالسّواك إذًا يزيد في الثواب ويضاعف في أجر الصلاة.

ولقد كان من حرص الصحابة عليهم السلام واهتمامهم بالسّواك واتباع هذه السنة المباركة عن نبيّهم عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا يضعونه بين رؤوسهم وآذانهم.

وفي الختام وبعد أن تعرفنا على عظمة سُنية السّواك ووقفنا على أشياء كثيرة من أسرار السّواك وخصائصه وفوائده العظيمة التي يشهد بها الطبّ الحديث نقول سبحان الله العظيم الذي أطلع نبيّنا محمّدًا ﷺ ومنذ ما يزيد على ألف وأربعمائة سنة على أسرار السّواك ومنافعه العظيمة للفم وللأسنان.

والحمد للّه ربّ العالمين.