لا تصدق كل ما تسمع ولا تسمع كل ما يقال ولا تقل كل ما يخطر على بالك… فما يسمعه الإنسان عادة فيه الكثير من الكذب والتزوير ومجانبة الحقيقة وفيه من الزخرفة ما يخلط عليك الأمور ويلُبّس عليك بالظواهر بواطن مطويات ويوقعك في شؤون مشتبهات… وما يقال عادة فيه من المجازفات والمبالغات ما لا يقبل… ومع ذلك تجد له قبولًا من كثيرين فيغريك أن تكون مثلهم وتنشأ فيك عادات سيئات هي في المجتمع بليات… فتخيّر لأذنك مجالس العقلاء وأحاديث الفضلاء وكلمات أهل الخير. فالأذن طريق واسعة إلى القلب… فلا تجعلها لغير الرشاد والصلاح طريقًا…
وما يخطر لك أن تقوله قد يكون فيه هلاكك… فلا بد من حاجز بين ما يأتي على البال وبين اللسان… هو أشبه بالمُنْخُل… ينزل منه إلى لسانك الدقيق الطيب وينفي النخالة ويرميها… والمرء قد يُخفي حقيقته تحت هذا اللسان… فإن قلت فقد ظهر ما أنت… فكن في الصالحين الطيّبين… وكن بين المختارين حين تختار ما تقول… صدّق ما شهد له العقل… واسمع من الصادقين… وقل ما حصلت من الحق… فإن القلب الذي لم يقبل إلا الحق والأذن التي تسعى لتسمع الصدق واللسان الذي لا ينطق إلّا بحق وصدق… هي نعم الجوارح… لنعم الإنسان…