قال المحدّث الشيخ عبد الله الهرريّ رحمه الله رحمة واسعة: 

الحمد للّه ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على سيّد المرسلين وعلى آله الطيّبين الطاهرين. 

ليُعْلَمْ أنّ الصبيَّ الذي يُهمَلُ في ابتداءِ نشوئه يخرُجُ في الأغلبِ رديءَ الأخلاقِ كذّابًا حَسودًا لَحُوحًا ذا فُضولٍ وَضَحِكٍ ومَجَانَةٍ -في مختارِ الصحاح: المُجونُ ألا يبالي الإنسانُ ما صَنَعَ-، ويُحفظُ عن جميعِ ذلك بحُسْنِ التأديب. 

 ثم لمّا يبلغ سنّ التمييز يُشغلُ بتعلّمِ علمِ الدّين. وأوّل ما يُعلّمُ تنزيه الله عن مشابهةِ المخلوقين وما يتبعُ ذلك من الاعتقادياتِ، ثم أحكام الطّهارةِ والصلاةِ ويؤمرُ بها وبالصّومِ. ثم ما يحرُمُ على الإنسان من معاصي البطنِ واللسانِ واليدِ والرجلِ والعينِ والقلبِ والبدنِ ويُخوّفُ منها. وأما بعضُ الجهَلَةِ منَ الناسِ الذين يقولون إذا عُلّم الصبي هذه الأمور الشرعية:
«ما يزال صغيرًا لا يعي ما تعطونه إياه» فهؤلاءِ يقالُ لهم ما قالَهُ الإمامُ الغزاليُّ في كتابه «إحياء علومِ الدين» بعد أن ذكرَ مسائلَ الاعتقادياتِ: «واعلمْ أنّ ما ذكرناه ينبغي أن يقدَّمَ إلى الصبي في أوّلِ نُشوئه فيحفظه حِفظًا ثم لا يزالُ ينكَشِفُ لهُ معناهُ في كِبَره شيئًا فشيئًا»…