عزيزتي يوميّاتي…
غاظني اليوم بعض حديث تناهى إلى مسامعي من دون قصد مني… حيث كانت صديقة تذكر لأخرى كيف أن زوجها «يساعدها» في أمور المنزل أحيانًا فيجالس الأطفال تارةً ويُطعم الصغير تارة أخرى. في حين أن الأخرى زوجها لا «يساعدها» بل يدخل ملكًا ويخرج وزيرًا ويتوقع منها أن تعتني بكل شىء وحدها…
سألتكم باللّه أن تفيدوني! منذ متى أصبحت مساهمة الأب في الاهتمام ببيته أو أولاده مساعدةً للمرأة؟ أوليس هذا دور الأب الطبيعي أصلًا؟ لِمَ يصدمنا منظر أب يأخذ ابنته الصغيرة معه إلى السوبر ماركت، ونحدث به أصدقاءنا على أنه منظر قد يكون عجيبًا، بينما لا نعير الأمر أهمية أبدًا حين نرى المنظر نفسه مئات المرات مع الأمهات؟ أوليس في هذا بعض ما يثير العجب؟
تعاونوا يا إخوتي… فإنّ في التعاون وصولًا أسرع لمآرب مشتركة.
فكم وكم من الأمهات يرزحن تحت ضغط نفسي وجسدي وفكري كبير… ولا تُشكر أو تُقدر جهودها ظنًّا من الشريك أو المجتمع أن هذا هو دورها الطبيعي ولا شىء سوى المتوقع منها، المسمّى الوظيفي التقليدي في البيت ممكن أن نستغني عن كثير منه لمصلحة الأسرة والمصلحة العامة… ولمصلحة شخص المرأة كركيزة أساسية في منظومة الأسرة الفعّالة.
لا يؤثر على رجولتك سيّدي الزوج إن سخّنت الطعام لك ولزوجتك ولأطفالك… ولا يضرّك إن أعددت طعام أطفالك الذي سيأخذونه إلى المدرسة… فهل الزوجة ملزَمة أن تتكفل بالإشراف على إيقاظ الأطفال واللبس وترتيب الشعر ونظافة الأسنان وإعداد طعام الفطور وتحضير زوّادات المدرسة بينما تجلس أنت بسلام؟ قسّما الأدوار واشربا قهوتكما معًا… وهنيئًا لك بإحسانك لأسرتك إن أخلصت نيتك للّه تعالى.
فكّر بكلمتك قبل أن تغادر شفتيك… فزوجتك قد تكون حساسة تستشف من كلامك ما قد يؤثر على تقويمها لنفسها ورضاها عن ذاتها… قبل أن تقول لها فيما قصرت… اذكر لها على سبيل التغيير ماذا فَعَلَتْ بشكل جيد… اشكر فضلها عليك واجعلها تشعر بأنها مهمة وبأنّك تراها… تراها فعلًا وتشعر بها وتقدّر جهودها… لا تشح بنظرك لترى ما حولها فقط وتحاسبها على ما فاتها دون أن تنظر في عينيها مقدرًا لما تقدمه للجميع… غالبًا على حسابها كشخص حين تضع نفسها آخرًا… ضعها ضمن أولوياتك وقوّها لتزهر… فأنت أول من سيشم العبير ويجني الرحيق.
عوّدوا أبناءكم على أداء مهام معينة في المنزل… توقعوا منهم دورًا فعالًا في المنزل واعتمدوا عليهم في أمور حياتية مختلفة… فقد تفاجؤون بما هم قادرون عليه… وبهذا نبدأ في مجتمعاتنا بالاقتناع بفكرة قيام الرجال بأدوارهم ونربي رجالًا مقتنعين بالفكرة نفسها.
تعاونوا يا إخوتي… فعسى ترى فيك زوجتك سندًا حقيقيًّا وشخصًا محبًّا مهتمًّا وواضعًا أولوياتك في مكانها.
تعاونوا… وكونوا قدوة لصغاركم… لا تفرّقوا في التربية بأن تتوقعوا من ابنتكم فقط المساعدة ومدّ يد العون، بينما ابنكم يلعب ألعاب الفيديو ويأمر وينهى ولا يقدّم شيئًا للمنزل الذي يسكنه… حتى إنه لا يضع جوربه المتسخ في المكان المخصص للثياب المتسخة.
تعاونوا… ما فيها خسارة… بل فيها لُحمة وتقوية لأواصر الأسرة وإزاحة جبال عن كاهل الأم…
اسمعوا منّي… تعاونوا…