لا يعلو بنيان لا أصل له، فمن أراد النجاة إن عصفت النوائب لا بد له أن يبني على أصل ثابت متين وركنٍ ركين لا يزعزعه ريح ولا تتلاعب به الأهواء ولا يضعف تحت ضغط ولا يلين تحت الضربات. 

فإن كان تحصين البنيان يقتضي وضع الأساس الصلب والاعتماد على العمد، فإن جوهر تحصين الإنسان وأصله هو التمسك بالعقيدة الصافية الحقة، ومن معاني العقيدة الحكم الذي لا يقبل الشك لدى معتقده وبمعنى آخر الأصول الراسخة التي لا شك فيها ولا حياد عنها عند معتقديها. من هنا لا بد من أن يكون لنا وقفة وأن يكون لنا دور في التنبيه من الأخطار الناجمة عن الآراء الشاذة والأفكار الضالة التي لا أصل لها ولا دليل عليها كي لا تتسلل إلى قلوب أبنائنا لتشوّش على عقائدهم.

فالآراء والأهواء الفاسدة التي تجتمع أحيانًا تحت عناوين النظريّات وما يشبهها وهي تحمل في معناها كنظريّة أنها مجموعة من الآراء غير الثابتة والتي تحتاج إلى برهان ودليل والتي يفتقر الكثير منها إلى هذا البرهان أو الدليل، ناهيك عن معارضتها للتسلسل والترابط الموضوعي للأفكار، وعجزها عن شرح العديد من الفجوات التي تعاني منها والتي حتى أصحابها يقولون عنها إنها فجوات في نظريّاتهم لم يجدوا لها تفسيرًا!! فإن هذه النظريّات الخاوية لا تصلح لأن تكون عقيدة، فشتان ما بين هذه الآراء والفرضيات وبين ما قاله الله وقاله الرسول ﷺ وما نقل إلينا عن طريق الخبر المتواتر، وهو الخبر الذي نقله جمع من الناس عن جمع من الناس يستحيل تواطؤهم على الكذب والأصل بمستنده الحس كالمشاهدة، فالعقيدة الإسلامية الصافية الحقة التي يشهد لها العقل والنقل، هي أصل راقٍ صافٍ راسخ يتضاءل أمام رسوخها في صدور المؤمنين رسوخ الجبال.     

فبعد هذا هل من الحكمة والعقل ترك الأصول الراسخة والحقائق اليقينية القاطعة والجازمة واتّباع الأهواء والآراء والنظريّات الخاوية؟ قطعًا لا.

وفي الختام إنّ من صلب دورنا كأهل وإخوان وأصدقاء أن نكشف فساد النظريّات الخاوية التي تطال عقيدتنا ففي ذلك حفظ لأصل عزتنا، فلقد قال الخليفة الراشد الفاروق عمر: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام»، وبتمسكنا به ودفاعنا عنه يزداد فخرنا وعزنا.