ذات يوم شعرت المرأة بدوار وسقطت على الأرض، سارع زوجها وجلب لها الطبيب الذي قام بفحصها ثم خرج مبتسمًا وقال لزوجها: مبارك حامل! 

تلك كانت البداية ومعها بدأت معاناة الحمل من شهر إلى شهر حتى دخلت في الشهر التاسع وءان أوان الولادة…

أتت “القابلة” وشرعت في عملها وبدأ الطلق يشتد والأم تصرخ حتى وضعت الطفل، وكان ذكرًا وهدأت الأم ثم ما لبثت أن لفظت أنفاسها الأخيرة وماتت..

عاش الطفل وحيدًا واضطر أبوه أن يتزوج بامرأة أخرى تعينه في هذه الحياة. شيئًا فشيئًا كبر هذا الطفل حتى أصبح في سن الثلاثين. وكان أبوه قد أخبره بقصة ولادته ووفاة أمه فكان يتردد إلى المقبرة لزيارة أمه من حين إلى ءاخر ويقرأ لها شيئًا من القرءان امتنانًا لتلك الأم التي حملت به وماتت بعد ولادته، وكان أساه الأكبر أنه لم يرها إلا في الصورة…

وفي أحد الأيام توفي عمه فذهب مع والده يواسيه في فراق أخيه، وانطلقت الجنازة إلى المقبرة ولم يكن لديهم سوى قبر واحد وهو ذاك القبر الذي ضم هذه الأم.

بدأ الحفار يعمل بحفر القبر، ومن ثم أزال تلك “البلاطة” الكبيرة ليضع الميت في القبر، وهنا كانت المفاجأة الكبرى والصدمة، فقد وجدوا هذه الأم كما كانت يوم دفنوها منذ ثلاثين عامًا لم يتغير منها شىء!!!

وكانت هذه المرة الأولى التي يرى الولد أمه فنزل إلى القبر وبدأ يقبل وجنتيها وهو يبكي وسط ذهول الحاضرين الذين بدأوا بالتكبير والتهليل والبكاء، وعبثًا حاولوا سحب الولد عن أمه ثم بجهد استطاعوا رفعه من داخل القبر وهو يبكي ويشهق، حتى إن الحاضرين نسوا الميت الذي أتوا لدفنه. أعادوا القبر كما كان ودفنوا عمه في قبر ءاخر بشق النفس وقد هالهم ما رأوه.

هذه الحادثة فيها الكثير من العبر، منها أن نعلم كم هو فضل الأم الصالحة على أولادها وزوجها، وكيف على الولد العاقل أن يبرها في حياتها ولا يكون ابنًا عاقًا لها وأن يسعى لإرضائها في حياتها، وتذكر أخيرًا أيها الابن أنك لن توفي حق أمك ولا بطلقة واحدة من ءالام الولادة.

فلعلّ هذه الأم نالت هذا بسبب الشهادة لأن التي تموت وهي تلد أي بسبب آلام الولادة تكون شهيدة كما جاء في الحديث الذي رواه أحمد بن حنبل الذي فيه: «وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدة».