بسم الله والحمد للّه وصلى الله وسلّم على رسول الله، أما بعد فاعلم أخي المسلم أنه قد شاع بين كثير من الناس أقوال وعادات لم يأتِ بها الشرع الحنيف وحتى نبيّن هذه الأمور لا بد من أن نوضح ونظهر الصواب فنقول: إنَّ ليلة النصف من شعبان هي من الليالي التي جعل الله تعالى لها فضلًا وشأنًا، فهي ليلة مباركة رغّب الشرع الشريف في عمل الطاعة فيها فقد ورد عن النّبيّ محمّد ﷺ أنه قال: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها» رواه ابن ماجه.
فيستحب للمسلم في النصف من شعبان أن يصوم نهاره ويقوم ليله. وليس صحيحًا ما يقوله بعض الناس إن قراءة سورة ﴿يس (1)﴾ في تلك الليلة سُنَّة عن رسول الله، بل قراءة سورة
﴿يس (1)﴾ فيها ثواب في أي وقت وفي أي يوم ولم ترد خصوصية في قراءتها تلك الليلة.
كذلك ليس صحيحًا ما يرويه بعض الناس من قولهم إنّه ورد حديث: «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي» فإنه لا أصل له.
وليعلم أن ليلة النصف من شعبان ليست هي الليلة التي يُفْرَقُ فيها كلُّ أمر حكيم كما شاع عند البعض، فقد ظنوا أن قول الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)﴾ سورة الدخان، أن هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان، فالصحيح أن هذه الليلة هي ليلة القدر.
وفي ليلة النصف من شعبان لم يَرِدْ عن النّبيّ محمَّد ﷺ ما اعتاد بعض الناس قراءته في تلك الليلة المباركة وهو قولهم: «اللّهمَّ إن كنتَ كتبتني عندك في أم الكتاب محرومًا أو مطرودًا أو مقتَّرًا عليَّ في الرزق فامحُ اللّهمَّ بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي… إلخ».
والقاعدة الشرعية التي لا خلاف عليها عند أئمة المسلمين أن الله سبحانه وتعالى مشيئته أزلية أبدية لا تتغيّر بدعوة داع، فما شاء الله في الأزل حصوله لا بد حصوله. والله سبحانه لا تتغير مشيئته لأحد من خلقه، فإن شاء لفلان فقرًا أو مرضًا أو شفاءً فلا بد أن يحصل ما شاءه الله تعالى، ولا شىء يمنع نفاذ مشيئته سبحانه وتعالى، والتغيير إنّما يكون في المخلوقات لا في الخالق عزّ وجلّ.
وقد كان أكثر دعاء رسول الله محمّد ﷺ في شعبان وغيره: «ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنا عذابَ النار» رواه الإمام أحمد.