كثيرة هي المواضيع التي تتناول موضوع النساء في المجتمع، فهنا تجد جمعية أو اثنتين لما يسمى حقوق المرأة وهنا تجد ثلاث أو أربع صفحات فيسبوكية «خاص بنات» وهناك تجد مقالات وكتبًا وقوانين و.. و.. و… ونقطة على السطر. لماذا؟ لماذا علينا أن نلجأ إلى كل هذه الجمعيات والبيانات والقوانين؟! دعونا بكل بساطة نسترجع معًا أحداث حياة النساء المحيطين بنا سواء كنّ أمهاتٍ، أم أخوات، أم بناتٍ، أم زوجاتٍ وإن كنت تظن حقيقة أيها الرعديد أن مكانهنّ الحقيقي هو المطبخ وليس سوى المطبخ، إذًا فليكن المطبخ.
لنبدأ بأمك الحنون، لن أتكلم عن آلام الولادة والمخاض فهذا موضوع من شأنه بمفرده أن يخرس كل شخص يقول لأمه: «خليكِ بالمطبخ أنتِ» ولن يكون هناك متسع لأكمل مقالي هذا لذا سأنتقل إلى مرحلة عمرية أكبر. عندما كنت تستيقظ أيها الشاب الـ«Cool» بعد الظهر لأنك كنت «متقّل بالسهرة» في الليلة السابقة، وتتوجه إلى خزانتك لتقف عندها أكثر من ربع ساعة، وتنتقي من بين مجموعة الملابس «المغسولة» و«المكويّة» هل فكرت ولو للحظة كيف وصلت هذه الثياب بهذا الترتيب إلى خزانتك؟ بالتأكيد لم يصل اليابانيون بعد إلى اختراع يغسل ويجفّف ويطوي ويكوي ويوضّب الثياب في خزانتك، ولا أظن أن أحد الجن يعمل تحت إمرتك، فإذا لم تكن التكنولوجيا ولم يكن الجن، إذًا لا بد أن مخلوقًا آخر فعل هذا، وهو أمّك. إذًا فأمّك تخلّت عن قصرها العاجي، المطبخ بزعمك، وذهبت لترتيب ثيابك. بالتأكيد لم نأت على ذكر الأمهات العاملات فهذا موضوع آخر.
وكما هي أم فهي زوجة لذا دعنا ننظر ما الذي قد يشغل زوجتك غير البقاء في المطبخ كما تأمرها فخامتك. لا أظنك فكرت في يوم من الأيام لمَ لا تشم رائحة كريهة في بيتك أو أنك لا ترى ثيابك ملقاة على الأرض أو حتى لا تتعثر بألعاب أولادك كلما انتقلت من غرفة إلى أخرى. لا أظن أن أولادك وصلوا إلى هذا الحد من الوعي والأدب وتحمّل المسؤولية بحيث صاروا هم من يرتّبون وينظّفون البيت بمفردهم، فحارتنا ضيّقة ونعرف جيدًا أنّ بعض شباب هذه الأيام بحاجة لمن يهتم بهم فكيف الحال مع الأولاد؟ إذًا ما هي الحلقة الناقصة في حساباتك بين الفوضى العارمة وبين الترتيب والنظام في البيت؟ الجواب يا سيّدي الكريم هو زوجتك.
في المرة القادمة التي تنهرها وتصرخ في وجهها «خليكِ بالمطبخ أنتِ» تذكّر أنها إن بقيت في المطبخ فقط، فإنك بالغالب ستعيش في خرابة، وفي المرة القادمة التي تستهزئ برأيها وتسخر منها قائلًا: «خليكِ بالمطبخ أنتِ» أن هذه المرأة هي التي تربي أولادك كما ربّتك أمك في السابق.
وفي المرة الآتية التي تنادي فيها «خليكِ بالمطبخ» تذكّر أن كثيرًا من النساء البطلات، العالمات، الوليّات كان لهنّ دورٌ كبير في نشر العلم وبناء الأمم. في المرة القادمة التي تنادي فيها «خليكِ بالمطبخ أنتِ» تذكر أن السيّدة الوليّة الصالحة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تخرّج فقهاء. في المرة القادمة التي تنادي فيها «خليكِ بالمطبخ أنتِ» تذكّر ما عانته الشهيدة الصابرة سمية بنت خياط أم عمار بن ياسر التي قاست الكثير حتى استشهدت رضي الله عنها. في المرة الآتية التي تتحدث فيها مع زوجتك أو أمك بازدراء وفوقية تذكر قول النبيّ ﷺ: «رفقًا بالقوارير» رواه ابن الأثير، وقوله ﷺ: عندما سأله رجل فقال: من أحقّ الناس بحُسن صحابتي فقال: «أمك» ثلاث مرات ثم قال: «ثم أبوك» رواه البخاري.
قبل المجتمع وقبل القوانين عليك أن تعلم يا «سي سيد» أن ديننا الحنيف أمرك بالرفق بالمرأة ومعاملتها بالرفق واللين، المرأة يا أستاذ مقوّم مهم جدًّا في المجتمع، وليس مكانها المطبخ فقط إنما هي الرابط الذي يربط أفراد الأسرة بعضهم، لذا تذكر كلامي جيدًا في المرة الآتية التي تقول فيها: «خليكِ بالمطبخ» لأمك أو زوجتك أو أختك، لأنك بدونهن ستغدو أنت في المطبخ، والسلام.