الوفاء… كلمة كبيرة… معناها كبير… والعمل بها يحتاج إلى جهد وعمل كبير… وهي صفة الكبار إن كانت على الحقيقة… أن تكون وفيًّا يعني أولًا لمن يكون الوفاء… ولمَ يكون… ومتى يكون… 

غالب الناس يفهمونه في باب واحد: أن يُحسن إليك شخص… وأن تحفظ هذا الإحسان لهذا الشخص وأن تكون له في حاجته عندما يحتاج عونًا وسندًا… وهذا من الوفاء بلا شك..

لكن هذا الباب شرطه أن يكون ما قدمه لك هذا الشخص إحسانًا حقيقة… شيئًا ينفعك في دينك وينفعك في دنياك نفعًا معتبرًا لما فيه خيرك وصلاحك… وإلا إن كان عونه لك في شرّ وأنت تريد فعل هذا الشر… فلا معنى حسنًا في عونه هذا… ولا يكون فعلك الجميل معه وفاء لذلك العون الذي قدمه… بل حقيقة فعلك هذا… إحسان لمن أساء إليك…

الوفاء أن تكمل خيرًا تقدمه لمن قدم إليك مثله… وأن تكمل خيرًا للناس من حولك -أحسنوا إليك أو لم يُحسنوا- وفاء منك لمبدأ نشر المعروف بينهم…

والوفاء أن تذكر أهل الفضل بفضلهم ليتعلّم غيرهم على سبيل الاقتداء بهم صنيعة المعروف…

والوفاء لمن علّمك رشدًا… أن تنشر علمه أينما حللت وحيثما رحلت…

والوفاء لنفسك أن تنأى بها عن المهالك والمفاسد وأن تَزينها بخصالٍ كريمات وصفات راقيات… وأن تعوّدَها الحق تلزمه وتعمل به ولا تحيد…

وفيٌّ أنت إن اتقيت الله…

وفيٌّ أنت إن التزمت تعظيم رسول الله ﷺ…

وفيٌّ أنت إن عرفت لوالديك ما لهما من حقوق لازمة في عنقك…

وفيٌّ أنت إن رعيت أهل بيتك وأديت ما ينبغي لهم من نصيحة وعظة وتربية على حُسن الخلق وشيم الصالحين…

وفيٌّ أنت… إن كنت تأمر الناس بالمعروف وتأتمر به وتنهى الناس عن الشرّ… وتنتهي عنه…

وفيٌّ أنت إن كنت على الإنصاف… تحبّ أن تأتي للناس… بما تحبّ أن يأتي الناسُ إليك…