الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على حبيب الله محمّد فخر ربيعة ومضر ومن انشق له القمر. 

قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) سورة الأحزاب.

الكيّس الفطن الذكيّ هو الذي يسير على درب محمّد ﷺ ويعلّق قلبه بطاعة الله ويلتزم الأوامر التي أمر بها سيّدنا محمّد ﷺ ويتأدّب بالآداب التي علّمها محمّد ﷺ، محمّد النّبيّ العربيّ الأميّ الذي علّم الدنيا الحضارة، محمّد ﷺ الذي دعا إلى الحقّ والعدل، إلى دين الإسلام العظيم، محمّد ﷺ دعا إلى الله.

دعا إلـى الله فالـمُسْتَمْسِكون به    مُستمسكون بحبلٍ غيرِ مُنفَصِمِ

وحريّ بنا في هذا الشهر العظيم أن نقتفي آثار أعظم رجل عليه أفضل الصلاة والسلام وأن نقتدي به في أفعاله وطاعاته في خير الشهور رمضان.

فمن الآداب النّبويّة استحباب تقديم اليمين في الوضوء والغسل يعني أن يبدأ بشقّه الأيمن ما أقبل منه وما أدبر ثُمّ شقّه الأيسر ما أقبل منه وما أدبر، وتقديم اليمين في التيمّم ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد يعني أن تدخل برجلك اليمنى وكذلك عند استعمال السواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقصّ الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام في الصلاة والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والأخذ والإعطاء يعني تأخذ باليمنى وتعطي باليمنى وتخرج من الخلاء برجلك اليمنى، أمّا دخولك فيكون باليسرى وكذلك خروجك من المسجد يكون باليسرى وكذلك الاستنجاء باليد اليسرى. فلقد كان حبيبنا محمّد ﷺ يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ويجعل يساره لِما سوى ذلك.

آداب الطعام

منها التسمية في أوّله والحمد في آخره، فلقد علّمنا ﷺ في حديثه الشريف: «سَمّ اللهَ وكُلْ بيمينك وكُلْ مِمّا يليك» رواه البخاري.

وقال رسول الله ﷺ: «إذا دخلَ الرجلُ بيتَه فذكرَ اللهَ تعالى عندَ دخولِه وعند طعامِه، قالَ الشيطان: لا مبيتَ لكم ولا عشاء، وإذا دخلَ فلم يذكرِ اللهَ عندَ دخولِه قالَ الشيطانُ: أدركتُم المبيتَ وإذا لم يذكرِ اللهَ عند طعامِه قالَ الشيطانُ: أدركتم المبيتَ والعشاءَ» رواه مسلم.

وقال صلوات ربّي وسلامه عليه: «من أكلَ طعامًا فقالَ: الحمدُ للّه الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غيرِ حَوْلٍ منّي ولا قوة، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه» رواه أبو داود.

وكان المصطفى ﷺ لا يعيب طعامًا يحضر إليه قط بل إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه، كما في الصحيحين.

ولم يَعِبْ قَطُّ طعامًا يحضرُهْ   يأكلُهُ إن يشتهـــــــي أو يَذَرُهْ

ولم يكن النّبيّ ﷺ جلوسه حال الأكل متّكئًا أي لا يقعد متمكّنًا وقيل أي معتمدًا على أحد شقّيه لأن هذا الفعل هو فعل الشَّرِه النَّهِم، لكنه كان يأكل وهو قاعد على وركيه قعودًا منتصبًا غير مطمئن.

وكان ﷺ يشرب قاعدًا في أكثر أحواله، لكن ثبت عنه في صحيح البخاري أنه شرب قائمًا وذلك في أحوال، ويشرب في ثلاثة أنفاس وله فيها ثلاث تسميات وفي آخرها ثلاث تحميدات.

يشربُ قاعدًا ومن قيام   لعارضٍ كزمزمِ الحرامِ

وقد كان للنّبيّ ﷺ أقداح كثيرة، قدح يسمى الرَّيان وآخر يسمى المُغيث وكان له حلقة يعلقه بها. وكان الناس إذا مستهم حاجة يشربون فيه فيشفون كما رواه الطبراني، وأيضًا كان له قدح آخر من زجاج.

صلاته

جاءت عدّة أحاديث بيّنت لنا صلاته ﷺ للنوافل في الليل.

روى البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: قام النّبيّ ﷺ حتى تورّمت قدماه -أي من غير ضرر- فقيل له: غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، قال:
«أفلا أكون عبدًا شكورًا».

فانتبه جيّدًا أخي المؤمن يرحَمك الله تعالى بتوفيقه إلى الآداب النبويّة التي جمعنا لك شيئًا منها والله نسأل حسن الاقتداء بسيّدنا محمّد ﷺ فَهو قدوتنا وحبيبنا وقرّة أعيننا الذي جاءت لدعوته الأشجار تمشي إليه على ساقٍ بلا قدم وبالأولياء والصالحين، آمين.