لهذا الشهر الفضيل خصائص ومميّزات في كل بلد من البلاد، فلكل بلد خصائصه في طريقة استقبال شهر رمضان، وهو الشهر الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النَّار. شهرٌ فيه الكرم والسماح والصفاء والصدق والخيرات.ويسارع الناس في بلادهم حسب عاداتهم على التحضير لمائدة شهر رمضان المبارك لإكرام المُفطرين عندهم وسنقوم بجولة على بعض عادات المسلمين في بعض البلاد مستطلعين تحضيرات استقبال الشهر الكريم. 

رمضان في دمشق

تتميّز «دمشق» في شهر رمضان المبارك بنكهة مميزة، فالاستعدادات في هذا الشهر الكريم تبدأ باكرًا حيث يقوم أهلها بتحضير ما تحتوي عليه المائدة الرمضانية عادة من أنواع عديدة من الأطعمة والعصير والمقبلات، وغالبًا ما يبدأ أهالي دمشق إفطارهم بشراب التمر
الهندي ونقوع المشمش.

أما المقبلات فتتركز في صحن الفتوش، والأرضي شوكي واللوبياء والفول والكبة اللبنيّة وأنواع عديدة من السنبوسك المحشو باللحم أو الجبن.

وتتزين مائدة الدمشقيين عادة إضافة إلى ما ذكرنا بالطعام الدسم فكل ما ذكرناه يعتبرونه مقبلات!! فبالإضافة إلى هؤلاء تنزل الأطباق الرئيسة الدسمة مثل فتة الكوارع «الغمّة» أو ما يسمّونه طبَّاخ «رَوْحُو» والكبة المشوية.

وكل هذه الأطعمة تُحْوِجُ إلى أن تقف السيّدة في المطبخ قبل الظهر ولا تكاد تنتهي إلا قبيل غروب الشمس!

الحلويات

أما الحلويات الخاصة برمضان فهي أساسة على المائدة مثل القطايف بالقشطة والمَلْبن «نهش وناعم». ويتبادل أهالي دمشق الطعام فيما بينهم ويسمونها «المـُساكبة» حيث تتنوع الموائد بما لذّ وطاب.

ومن العادات الدمشقية أنّ الكثير من أهالي مدينة دمشق يحملون طعام الإفطار معهم إلى المسجد الأموي بانتظار صلاة المغرب لئلّا تفوتهم صلاة الجماعة ثمَّ العشاء والتراويح.

في مصر

يستقبل المسلمون شهر رمضان في مصر بالاحتفالات والفرح تعبيرًا عن سرورهم بهذا الشهر الكريم، حيث تضاء الشوارع بالفوانيس ويسهر الصائمون إلى السحور ثمَّ لصلاة الفجر.

في الأسواق

تضج الأسواق بالبائعين والمشترين لأصناف رمضانيّة خاصة كالتمر والزبيب والجوز واللوز والفستق والبندق، وأنواع الحلوى كالزلابية، والكنافة، والقطائف وسواها من الحلوى وألوان العصير كالجلاب والعرقسوس وسائر العصائر.

أما الفول المدمس وهو من الوجبات الأساسة فيتفنن المصريون بإعداده، فهذا فول بالسمن البلدي، وهذا فول بالدّهن الحار «دهن بذر الكتان» وفول بزيت الزيتون، وفول بالطحينة وفول بالبيض أو باللبن «الزبادي» وفول بصلصة البندورة مع البقدونس والتوابل.

عند رؤية الهلال

في «مصر» عادات وتقاليد توارثها الناس عن آبائهم وأجدادهم، فما إن تثبت رؤية الهلال إيذانًا ببدء الصوم حتى يجتمع الناس رجالًا ونساءً وأطفالًا في المساجد والساحات العامة يستمعون إلى الأناشيد والمدائح النبويّة ابتهاجًا بقدوم هذا الشهر العظيم، كما يقوم العلماء والفقهاء بالطواف على المساجد والمشاهد لتفقّد ما جرى فيها من تنظيف وإصلاح وتعليق قناديل وإضاءة شموعها وفرش أرضها بالبسط والسجاد وتعطيرها بأنواع البخور والمسك والعود الهندي والكافور.

فانوس رمضان

في «مصر» تقاليد خاصة في شهر رمضان عند بائعي وصانعي «الفانوس» حيث يبدأ أصحاب هذه المهنة بالاستعداد لهذا الشهر قبل حلوله، فيقومون ببيع الفوانيس على اختلاف أحجامها للباعة المتجولين على العربات الذين ينتشرون في الطرقات لبيع فوانيسهم حيث يشتري الناس للصغار منهم. وقد استعمل أهل مصر الفوانيس إبّان الحملة الفرنسية كإشارات متفق عليها من أعلى المآذن لإرشاد المصريين بتحركات الجنود الفرنسيين من مكان إلى آخر.

رمضان كريم

عند حلول الشهر الكريم تمتاز «مصر» بالموائد التي تقام يوميًّا في الكثير من النواحي والأزقة مجانًا للّه تعالى يضعون عليها أصنافًا من الطعام الفاخر للفقراء والمساكين ولمَن يريد الإفطار من الصائمين، وهي عادة كريمة اشتهرت عند أهل «مصر» خاصة. وكثير من الناس عند دخول المغرب يوقفون سياراتهم وينزلون إلى المائدة لتناول ما لذّ وطاب من إفطارات رمضان المبارك، كما أن الاحتفالات في المساجد تكون عامرة في أرجاء القاهرة ومصر.

رمضان في بيروت

لم يعد الطابع الرمضاني يطغى على أجواء بيروت كما كان سابقًا، ذلك أن عادات الناس وتقاليدهم في هذا الشهر تبدَّلت وتغيرّت.

كانت التحضيرات في بيروت تبدأ من بعد احتفالات النصف من شعبان، وكانت هذه العادات بدأت في العصر العثماني في بيروت، وما أن يتم إثبات رؤية هلال شهر رمضان المبارك حتى تطلق المدفعية التابعة للجيش العثماني طلقة لإعلام الناس ببدء شهر الصوم، فيقبل الأهالي على تهنئة بعضهم بعضًا، وكانت الأحياء والساحات تُزيّن بالأعلام والأضواء الملونة والمصابيح وسعف النخيل الأخضر وأقواس النصر.

الميقاتي  

يقال بأن شخصًا يسمّى «الميقاتي» كان موثوقًا به وذا دِين، وكانت مهمّته مراقبة هلال شهر رمضان ومواقيت الإفطار طيلة شهر رمضان وهلال شهر شوال. ومن عادات شهر رمضان المبارك إقامة الاحتفالات في ذكرى غزوة «بدر» و«فتح مكة» ويُحيون العشرَ الأخير من رمضان التماسًا لليلة القدر في المساجد.

وكانت المساجد تعجُّ بالمصلّين في كل أوقات الصلوات سعيًا لكسب ثواب صلاة الجماعة. وكانت المساجد أكثر ما يكثر فيها المصلّون هو وقت صلاة التراويح، حيث يتزاحم الناس لأداء صلاة التراويح.

المآكل والمشروبات

أما أهم المشروبات والمأكولات البيروتية في شهر رمضان فهي: الجلاب، والتمر هندي، ونقوع قمر الدين باللوز والزبيب وعصير الفواكه.

وتتصدر المائدة الرمضانية أطباقُ الحساء، وصحن الفتوش، أو التبولة، والأرنبية، والكبة بلبن، والحمص بطحينة، والفتة، وفطاير بسبانخ، واللحم بعجين.

وأما الحلويات فهي حاضرة من أول الشهر إلى آخره مثل: الكلاج، حلاوة الجبن، حلاوة الرز، القطايف، زنود الست، المدلوقة، المفروكة، العثمليّة… وغيرها…

في تركيا 

من عادة المسلمين في تركيا أنهم إذا اقترب شهر رمضان المبارك نزلوا إلى الأسواق واشتروا ما يحتاجونه من طعام وشراب ومواد لصنع الحلوى وغيرها… وتظهر مظاهر الترحيب في تركيا من خلال تزيين المساجد والمنازل والشوارع والأسواق بزينة رمضان مما يُضيف رونقًا جميلًا، وتوضع اللافتات التي تحوي آيات وأحاديثَ وأقوالًا تتعلق بالمناسبة المنتظرة.

مراقبة الهلال

لمراقبة الهلال يتطوّع بعض الرجال من المشايخ للذهاب إلى بعض الأماكن المرتفعة مراقبين السماء من جهة الغروب ليلة التاسع والعشرين من شعبان، فإن لم يروه أكملوا عدّة شعبان ثلاثين يومًا، عملًا بالحديث الشريف.

وفور ثبوت الصيام يجري الإعلان عن بدء رمضان عن طريق المآذن وعبر المشافهة في القرى.

وتنتشر اللافتات التي تحمل عبارات الترحيب بقدوم شهر رمضان، ولافتات عليها آيات قرءانية.

وتبدأ عمليات التنظيف والتحضير لاستقبال شهر رمضان المبارك. يقوم رجلٌ من كل حي بمهمة إيقاظ المسلمين النائمين لتناول سحورهم يقال له «المسحّراتي»، ولهذه الغاية يستعملون «الطبل».

ولا يقتصر الأمر فقط على المسحراتي بل يقوم بذلك بعض المؤذنين الذين يعلنون من المساجد بداية السحور وانتهاءه. أما على
الصعيد الرسمي فتعتمد الحكومة على ضرب المدفع ثلاث مرات: مرة للسحور، ومرة للإمساك، ومرة للإفطار.

ومن عادة المسلمين في تركيا أنهم بعد تناول وجبة السحور يتوجهون إلى المساجد للصلاة والدعاء بعدها وتلاوة شىء من القرءان الكريم قبل الاستماع إلى درس من الدروس الدينيّة من قبل شيخ المسجد في أحكام الصيام وآدابه، ثم يصلّون الفجر ويبقون حتى تطلع الشمس فيصلون ركعتي الضحى ويتوجّه الناس إلى أعمالهم.

ومما يميّز أهل تركيا أيضًا إقامة الاحتفالات في الشهر بكثرة، وقد يقام في الحي الواحد عشرات الاحتفالات التي يُمدح فيها النّبيّ محمّد ﷺ.

ويجتهد الأتراك في النصف الأخير من رمضان بالطاعات والعبادات، هذا عدا العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ازديادًا في طلب الثواب والأجر من الله تعالى.

عيد الفطر السعيد

قبل قدوم عيد الفطر بأيام تكتظ الأسواق استعدادًا لاستقبال العيد، وتُزَيَّن الشوارع والمساجد باللافتات الخاصة بالترحيب بقدوم العيد. وبعد طلوع الشمس يخرج المسلمون لأداء صلاة العيد، بعد ذلك يذهبون لزيارة قبور موتاهم وقراءة شىء من القرءان لهم. وبعد ذلك تبدأ زيارات صلات الأرحام والأصحاب.

الطعام عند الأتراك

يهتم الأتراك بتنوع طعامهم وجودته فهم يبدؤون إفطارهم بالحساء ويصنعونه من العدس أو الأرز أو البرغل، ثمَّ يأكلون الفاصولياء، والباذنجان المحشي، والفليفلة المحشوة، والبندورة المحشوة بالأرز واللحم.

ومن مأكولاتهم الشعبية رغيف كبير من العجين يصل قطره إلى أكثر من نصف متر يُغطى باللحم ثم يُخبز بالفرن. ويشتهر عندهم نوع من اللحم يُسمى «كباب اسكندر»، والمعكرونة طبق رئيس على المائدة التركية.

أما الحلويات الشائعة عندهم فهي المعمول و«كول وشكور» والكنافة والشعيبيات. وعندهم حلوى خاصة في شهر رمضان هي عبارة عن عجين يضعون فوقه السمسم والحليب والسكر ثمَّ يقطَّع إلى قطع صغيرة.

نسأل الله أن يبلّغنا شهر رمضان ويمكننا من الصيام والقيام بهمّة ونشاط إنه أرحم الراحمين.