حينما يغوص الواحد منا في تفاصيل حياته المتنوعة والتي تبدأ مع مهامه الوظيفية لتنتقل إلى ميدان همومه المعيشية ومتطلبات بيته وصولًا إلى متابعة تفاصيل تربية أولاده ونحوه أو حتى التفكير بكيفية الوصول إلى هذه المراحل… يضيع بين التفاصيل وقد تفوته فرص التفكر والتأمل بما يجري حوله. 

ففي كل عام يمرّ علينا شهر رمضان المبارك، فنستقبله فرحين مستبشرين بقدوم شهر الخيرات والبركات شهر الطاعات والمسرّات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله ﷺ قال: «إذا جاء رمضان فُتّحـت أبواب الجنة، وغُـلّـقـت أبواب النار، وصُفّـدت الشـياطين» رواه مسلم. ففي هذا الشهر الفضيل من المطلوب أن يزداد المؤمنون بالطاعات سعيًا لاغتنام فرصة هذا الشهر الفضيل للتزوّد بالتقوى وهي خير الزاد فمن كان هذا حاله فهنيئًا له… لكن الواقع يخبرنا بأمر آخر، فالبعض أصبح يعتبر شهر رمضان شهر التمتّع بما لذّ وطاب من المأكولات والمشروبات، ومتابعة ما يستطيع من المسلسلات والسهرات!!! دون أن ننسى أن البعض احترف تصوير تظاهرة الأطباق على طاولة الإفطار ونشرها على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي في سباق محموم للتفاخر والتباهي بأبواب البذخ والترف!!!

وهنا دعونا نقف لحظة تأمّل لنشير إلى ضياع البوصلة عند البعض، إن شهر رمضان هو شهر الرحمة والغفران وبالتالي إن صيامنا وامتناعنا عن الطعام والشراب منذ بزوغ الفجر وحتى مغيب الشمس، يقتضي أن يدفعنا للتفكر بحال الفقراء والمساكين الذين لا يجدون ما يأكلونه على مدار العام، فنعطف عليهم ونبادر إلى بذل الصدقات لهم سعيًا للتخفيف عنهم ومواساتهم في مصابهم. كما ويقتضي منا أن نقضي أوقاتنا في تتبّع حلقات علم الدين لنحصل ما استطعنا من علم يحرسنا وينفعنا في آخرتنا، كما ونتتبع حلقات الذكر وتلاوة القرءان مما يعيننا على تهذيب أنفسنا وترقيق قلوبنا ففي ذلك الخير العظيم.

في الختام إنّ شهر رمضان موسم للخير فلا تدع لحظة من لحظاته تفوتك إلا وأنت تزرع الخير أو تجني من الخير ما استطعت، وإيّاك وأن تجعل موسم الخير هذا موسم للّهو والضياع فتفوّت على نفسك فرصة عُمْر قد لا تتكرر…