العدّة اسم مأخوذ من العدد وهو مدة تتربّصُ فيها المرأة لمعرفة براءة الرحم، فإذا طلّق الرجل زوجته قبل الدخول بها لم تجب عليها العدة لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)سورة الأحزاب، وإذا طلّقها بعد الدخول وكانت حاملًا فعدّتها بوضع حملها لقوله تعالى: ﴿وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ سورة الطلاق/4، وإن كانت غير حامل فعدتها ثلاثة قروء أي ثلاثة أطهار وذلك لقوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍسورة البقرة/228، ومعنى ﴿يَتَرَبَّصْنَ أي ينتظرنَ، وإن كانت المرأة ليست من ذوات الحيض فعدتها ثلاثة أشهر لقوله تعالى: ﴿وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍسورة الطلاق/4، وكذلك من مات عنها زوجها وجبَ عليها العدة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِسورة البقرة. والمعتدة تلتزم بيت زوجها مدة العدة ولا يصح لها عقد نكاح قبل انتهاء عدتها.

الإحداد على الزوج

يجب على المرأة المتوفّى عنها زوجها الإحداد وهو التزام ترك الزينة إلى انتهاء أربعة أشهر قمرية وعشرة أيام، ولا يختص الإحداد بلون واحد من الثياب بل يجوز الأبيض والأسود وغير ذلك إذا لم تكن ثياب زينة، ويحرم من الأسود ما فيه زينة أيضًا، ويكون الإحداد بترك الزينة والطيب وما يتبع ذلك ممّا هو زينة ولو كانت في البيت وحدها لقوله ﷺ: «المتوفى عنها زوجها لا تلبس المُعَصفر من الثياب ولا المُمَشّقة -أي المصبوغة بالمشق وهو الطين الأحمر- ولا الحليّ ولا تختضب ولا تكتحل» رواه أبو داود.
وليس من الإحداد الواجب عليها ترك مكالمة الرجال أو تغطية وجهها أمام الرجال غير المحارم فهذا ليس مما يدخل في الإحداد الشرعي، إنما هذه عادات أضافها بعض الناس ونسبها إلى شرع الله وليس لها أصل، وتحرم الزيادة على هذه المدة الشرعية في الإحداد بقصد الإحداد ويحرم على غير الزوجة من النساء الزيادة على ثلاثة أيام في الإحداد، قال رسول الله ﷺ: «لا يحلّ لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تُحِدّ على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا» رواه البخاري. ولا يجوز للمرأة المحدّة أن تبيت خارج بيتها لغير ضرورة ويجوز لها أن تخرج لتَستأنِس ببعض جاراتها ولو كنّ في البناء المجاور ثم تعود إلى البيت للمبيت فيه وكذا لها الخروج لجلب الطعام إن لم يكن لها من يعينها به وكذا الضروري من العمل ونحوه. فالإحدادُ هو الانكفافُ عن الزينة تحَزُّنًـا على الموت الذي فرَّق بين المرأة وزوجها لأن في ذلك مساعدةً لها على الاستعداد لمصالح الآخرة. ومن جملة ما في العِدّة منَ الحِكَم حفظ ماء الزوج لأنّه قد يكون في رحمِها نُطْفة انعقدت، ومن ذلك التفرّغ في هذه المدة لعمل الآخِرة كما أنَّ أصحابَ الخلَوات يتفرّغون لعبادة الله تعالى في خلواتِهم.

السفر بلا محرم

ومن الأحكام المتعلّقة بالنّساء أنه يَحرُم على المرأة أن تُسافر لغير ضرورة مسافة تعرفُ بين الناس بالسفر إلا ومعها مَحرَم كأخٍ أو صهرٍ أي
زوج بنتها أو حفيد أو نحو محرم كزوج، وذلك لقول رسول الله ﷺ: «لا تُسَافِر المرأةُ ثلاثةَ أيامٍ إلّا معَ ذِي مَحْرَمٍ» رواه البخاري، وورد حديث بمسافة نصف يوم، أمّا إذا كان السفر لضرورة فيجوز.

فعلى المرأة أن تتقي الله تعالى في ما نُهيت عنه وتستعدّ للآخرة بالتزوّد بالعمل الصالح، فكما صَلُحَ من الرجال كثير كذلك صَلُحَ من النّساء كثيرات، والله أسأل أن ينفعَ كل من قرأ هذا المقال.