الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّد النّبيّ الأمّيّ الأمين، وعلى آله وصحبه الطيّبين الطاهرين. 

السجود مرّتان في كل ركعة ركنٌ من أركان الصلاة لا تتمّ الصلاة إلّا به، سواءٌ في الصلوات الخمس أم في صلاة السنة والرواتب، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ سورة الحج/77، وفي حديث الرجل الذي طلبَ من النّبيّ ﷺ أن يُعلّمه الصلاة فقال له: «ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا» رواه البخاري، ومن شروط السجود أن يكون متثاقلًا بجبهته مكشوفة، ومعنى التثاقل أن يترك ثقل رأسه على موضع سجوده، وتنكيس رأسه بارتفاع أسافله على أعاليه بحيث يكون رأسه أخفض من مؤخرته، ولا بُدَّ من وضع شىء من بطون أصابع رجليه على الأرض ولو إصبعًا واحدًا من أصابع كل قدم وذلك أَنّ رســول الله ﷺ  قال: «أُمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين والرجلين وأطراف القدمين» رواه مسلم، كما لا بُدَّ في السجود من الطمأنينة وهي سكونُ أعضائه في السجود دفعة واحدة. والأتمُ والأكمل في السجود أن يُكبّرَ للنزول للسجود بلا رفع يدين، ويضع ركبتيه على الأرض قبل يديه، ثم يضع يديه وجبهته وأنفه على مصلاه، ويقول: «سبحان ربي الأعلى» وتحصل السُّنة في التسبيح في السجود بمرة واحدة ولكن الأفضل أن يقولها ثلاثًا. وقد ورد عن النبيّ ﷺ أنه لمّا نزلت الآية: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1)﴾ سورة الأعلى، قال ﷺ: «اجْعَلُوهَا في سُجُودِكُم» رواه أبو داود، ومعنى الأعلى أي الذي هو أعلى من كل شىء رِفعة ومكانةً وليس معنى ذلك علو المكان لأنَّ الله تبارك وتعالى منزه عن الجهة والمكان لأنَّ الشأنَ ليس بعلو المكان كما يتوهم البعض، الملائكة كثير منهم في السماء، والأنبياء أين كانوا؟ كانوا يسكنون الأرض وليس معنى هذا أنَّ الملائكة أرفعُ درجة من الأنبياء، والعرش مكانهُ فوقَ السماوات السبع لكن ليس معناه أن العرش المجيد أفضل من النّبيّ محمّد عليه الصلاة والسلام الذي الآن هو في قبره في الأرض، فقول المصلي: «سبحان ربي الأعلى» أي أنزّهُ الله الذي هو أعلى من كل شىء قدرًا لا مسافة ولا مكانًا، والمصلي المُنفرد الذي يصلي وحده له أن يزيد في التسبيح فيقول: «اللّهمَّ لك سجدتُ وبكَ آمنتُ ولكَ أسلمتُ سَجدَ وجهي للذي خَلقهُ وصوَّرهُ وشَقَّ سَمعَهُ وبَصرهُ تبارك اللهُ أحسنُ الخَالقين»، ويضع الساجد يديه بمحاذاة كتفيه وينشر أصابعه مضمومة مكشوفة متوجهة للقبلة، ويفرق الرجل في سجوده ركبتيه ويرفع بطنه عن فخذيه ومرفقيه عن جنبيه، وتَضمُّ المرأة عند السجود يديها وبدنها أي لا تُبعِدُ ساعديها عن جنبيها ولا تُقِل بطنها عن فخذيها في السجود بعكس الرجل لأنَّ هذا أسترُ للمرأة، ولا يقرأ من القرءان شيئًا في سجوده بل يكثر من التسبيح والدعاء لأنَّ النّبيّ ﷺ نهى عن قراءة القرءان حال الركوع وحال السجود، قال النّبيّ ﷺ: «وإني نُهيتُ أن أقرأ القرءان راكعًا أو ساجدًا» رواه مسلم، ومن عَجَزَ عن السجود على الجبهة لمرض أو نحوه فعليه أن يُومئ برأسه قدر ما يمكنه، لقوله ﷺ: «وإذا أمرتُكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» رواه البخاري ومسلم.