قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾  سورة النجم. وقال تعالى في سورة النساء: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113) صدق الله العظيم. إنها قَبَسَاتٌ نورانية وإشراقاتُ خَيْرٍ من هُدَى الطبّ النبويّ الشريف، تزيدُ المؤمن إيمانًا، وتَشْهدُ بصِدق نبيّنا محمّد ﷺ.

قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) سورة المؤمنون.

وقال جلّ جلاله: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)  سورة النحل.

وقد قال النّبيّ الأعظم ﷺ: «مَن أطعمه الله الطعام فليقل: اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه، ومَن سقاه الله لبنًا فليقل: اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه» رواه الترمذي.

وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس شىء يُجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن» أي الحليب رواه الترمذي.

الطيّبات من الأغذية في الإسلام

وضع القرءان الكريم والسنّة النّبويّة المطهّرة أسسًا قوية ومتينة للحفاظ على سلامة البنية البشرية ليتمكن الإنسان من القيام بدوره في الحياة ثم القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه نحو أهله ومجتمعه ووطنه، فاللّه تبارك وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم وزوده بأنواع متعددة من الأغذية المختلفة في شكلها وطعمها وما تحويه من العناصر الغذائية.

قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)سورة الرعد.

اللبن غذاء ووقاية من الأمراض

يعتبر اللبن -الحليب- كما أسلفنا غذاء كاملًا من حيث تركيبه ومن حيث قيمته الغذائية ومحتوياته من الفيتامينات. وهو يكسب الجسم مناعة قوية ضد كثير من العلل والأمراض وخاصة حليب الأم للطفل الرضيع، وقد أشار القرءان الكريم إلى أهمية حليب الأم لطفلها الرضيع حيث قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَسورة البقرة/233.

اللبن غذاء وشفاء من كثير من الأمراض

الحليب غذاء كامل لجسم الإنسان لما يتركب من جميع المواد الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان حيث يتركب من الماء والبروتين والكربوهيدرات والدهن والأملاح المعدنية كالنحاس والحديد والكالسيوم والفوسفور ثم الفيتامينات. وهو إلى جانب ذلك غذاء سريع الامتصاص مدر للبول ولا يترك فضلات سامة في الجسم. والمائة غرام من الحليب تعطي 71،5 «كالوري» أي وحدات حرارية ولكن قد يحصل عند بعض الناس بسبب تناوله صداع وقيء وتهيج في الأعصاب ومغص في الأمعاء بسبب الغازات التي تنشأ كما يسبب عند البعض إسهالًا وعند البعض الآخر إمساكًا لذا هنا تكمن وظيفة المرشد الغذائي أو الاختصاصي.

وأجود ما يكون اللبن -الحليب- حين يحلب، وأجوده ما اشتد بياضه وطاب ريحه ولذّ طعمه وحلب من حيوان فتي صحيح، معتدل اللحم محمود المرعى والمشرب. واللبن -الحليب محمود مستطاب عند متناوليه يولّد بقدرة الله ومشيئته دمًا جيدًا ويرطّب البدن اليابس ويغذي غذاء حسنًا وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية، وإذا شرب مع العسل أنقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة وشربه مع السكر يحسن اللون جدًّا.

والحليب يوافق الصدر والرئة وهو جيد لأصحاب السل.

وحليب البقر يغذي البدن ويطلق البطن باعتدال وهو من أغذى الألبان وأفضلها، وهو بين حليب الضأن -الخروف- وحليب المعز في الرقة والدسم.

والحليب علاج وشفاء بإذن الله تعالى وقدرته من كثير من الأمراض.

ومن أهم الحالات المرضية التي يعطى فيها الحليب كعلاج وذلك على حسب ما يقرره الأطباء بالنسبة لبعض الأجسام التهاب الكلى الحاد، التهاب الكلى المزمن، زيادة نسبة البولينا -Urea- في الدم، التهابات الكبد الحادة، اليرقان -أي الصفيرا- قرحة المعدة وقرحة الاثني عشر، قصور القلب، الأمراض العصبية المصحوبة بتهيج الأعصاب، الحميات على مختلف أنواعها.

ما أعظم فوائد الحليب الغذائية لجسم الإنسان!! وما أعظم قيمته ومحتوياته الغذائية التي بيّنها خبراء التغذية والتي يتطلبها جسم الإنسان بصورة متوازنة حتى أطلقوا عليه اسم «الغذاء المتوازن»… حقًّا إنه الغذاء المتكامل الذي يساعد على نمو جسم الإنسان ويكسبه مناعة قوية ضد كثير من العلل والأمراض.

الحليب دليل على عظيم قدرة الله تعالى

من تفكر في شأن اللبن -الحليب- وتدبّر في أمر خلقته وكيف يخلقه الله تبارك وتعالى في بطون الأنعام ازداد يقينًا بعظيم قدرة الله تبارك وتعالى خالق كل شىء وهو الخلّاق العظيم، فالبهيمة إذا أكلت العلف واستقر في كرشها طحنته فصار أسفله فرثًا -وهو السّرجين غائط البهيمة- وأعلاه دمًا وأوسطه لبنًا –حليبًا– ويكون الكبد مسلّطًا على هذه الأصناف الثلاثة فيجري الدم في العروق واللبن -الحليب- في الضرع ويبقى الفرث في الكرش.

فسبحان الخلّاق العظيم الذي يخلق بقدرته اللبن في بطن البهيمة وسطًا بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ لا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة بل هو خالص من ذلك كله، ويكون كما قال الله تعالى: ﴿سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) أي سهل المرور في الحلق، ولذلك يقال لم يغص أحد باللبن قط.

يقول الله تبارك وتعالى في محكم القرءان الكريم: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)سورة النحل.

ونتذكر في الختام قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)﴾ سورة المؤمنون، وقوله عزّ من قائل مخاطبًا نبيّه المصطفى ﷺ: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)﴾ سورة النساء.