ما إن ينتهي شهر رمضان المبارك ويهلُّ هلال شهر شوال معلنًا قدوم عيد الفطر السعيد حتى تزدان المساجد بالمصلين الذين يتبادلون التهاني مع إخوانهم وأقاربهم وأصدقائهم سائلين الله تعالى أن يتقبّل منهم دعاءهم وصيامهم، فرحين بما أقدرهم الله تعالى من القيام بصيام شهرهم كاملًا وعند العودة إلى المنزل تقوم الأسرة بتبادل التهاني بقدوم عيد الفطر السعيد بين الآباء والأمهات والأبناء.
رحلة الوالد
يقوم الوالد عادة بلبس الثياب الجديدة تطبيقًا للسُّنّة المطهرة ويأخذ معه أولاده وهم يلبسون ثيابهم الجديدة، ثمَّ يقومون بزيارة أقربائهم المسلمين في المقبرة كالجد والجدة وأقربائهم وأصدقاء الوالد ويقرؤون سورة الفاتحة لكل من يزورونه ويشترون «الآس» ويضعونه على القبور كما وضع النّبيّ محمّد ﷺ جريد النخل على القبور، لأن العود الأخضر يُسبّح ربّه ما لم ييبس فينتفع صاحب القبر بتسبيحه.
بعدها يذهب الوالدان مع أولادهما بزيارة أقاربهما وصلة أرحامهما، فيهنئونهم بقدوم عيد الفطر ويُدخلون السرور إلى قلوبهم ويتنقلون من قريب إلى قريب حتى ينهوا جولتهم التي نووا منذ البداية أن يقوموا بها ابتغاء الثواب من الله تعالى، وهذه درجة عالية عند الله تعالى. وبهذا يُعَلّم الأولاد منذ الصغر زيارة من مات من المسلمين والأقرباء وقراءة شىء من القرءان الكريم وإهداء الثواب لهم وصلة الرحم، وهذه الخصال من التربية الصالحة.
الأسرة حول المائدة
ثم يعودون إلى المنزل وتبدأ الأم بإعداد الطعام فيجلسون حول المائدة ويبدؤون بالتسمية ويتناولون الطعام الشهي ثمَّ يحمدون الله تعالى ويقولون الدعاء الذي كان النّبيّ ﷺ يقوله بعد الطعام.
عادات قديمة
كان لدى المسلمين منذ عهد ليس ببعيد عادات وتقاليد ورثوها عن أجدادهم وأسلافهم فيها الخير العميم، ولكن للأسف فقد غابت الكثير من المفاهيم والعادات الطيّبة لضعف في نفوس بعض المسلمين وانشغالهم بالدنيا ومفاخرها، ولم تبقَ إلا عند مَن رحمه الله.
ومن تلك العادات القيام بتفقد أحوال الجيران الفقراء والمساكين، وكانت الصدقة في السرّ لا في العلن، وكان أهل الوفاء والخير يضعون الحاجات عند باب المحتاجين ويقرعون الباب ويذهبون ليتفاجأ صاحب هذه الدار بما يَسرُّه فيحمد الله تعالى على هذه النعمة.
ومنهم من كان يبحث عن الفقراء والمساكين ويعطيهم المال لكي يفرحوا وأولادهم بالعيد القادم ويكون لديهم زيادة وبركة في هذا المال الذي أسعد قلوبهم. ويكون لمن بذل المال الخير الوفير في ميزان حسناته يوم القيامة. وكان هذا دأب أهل الخير في إسعاف ونجدة المريض والأرملة والفقراء والمحتاجين وأهل الضرورات الذين لا يعلم بهم إلا الله تعالى.
حتى في يوم العيد كانت أعمال البرّ تتدفق ابتغاء مرضاة الله ولا ينام الجار حتى يعلم أنَّ جاره بخير…
عادات خير وإحسان أَفَلَتْ ولم نَعُد نراها أو نسمع بها إلا في الحالات النادرة ذلك أنَّ الخير يبقى في أمّة سيّدنا محمّد إلى يوم القيامة ولا تخلو الدنيا من أهل البرّ والتقوى ونسأل الله تعالى أن يحسّن الأحوال ويوفّقنا لما يحبّه ويرضاه…