إنّ الاكتحال بالإثمد من هدي النّبيّ عليه الصلاة والسلام الذي حضّ أمّته عليه وهو يحفظ العين وصحتها ويقوي البصر.
فالعين والبصر مِنْ نِعَم الله الجليلة التي ينبغي الاعتناء بها لما لها من فوائد كثيرة في حياة الإنسان ومعاشه، وكثير من النعم التي أنعم الله تعالى بها على الإنسان لا يعرف قدرها إلا عند فقدها، ويكفي يا أيها الإنسان كي تعرف وتقدّر عظيم نعمة الله عليك بالبصر والرؤية أن تغمض عينيك ولو للحظات معدودة، فلا ترى مما حولك شيئًا كانت نفسك تأنس به وتفرح لرؤيته، لذلك يقول الله تبارك وتعالى في معرض تعداد نعمه على الناس ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (23)﴾ سورة الملك.
ولعظيم نعمة البصر وأهميتها، كان ﷺ يكتحل بالإثمد كل ليلة وحضّ أمّته على هذه السنّة العظيمة المباركة لحفظ صحة العين وسلامتها، وتقوية حدّة البصر وجلائه، يقول عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالإثمد فإنه مَنبتةٌ للشعر، مذهبةٌ للقذى، مصفاةٌ للبصر» رواه الطبراني، والقذى أي الوسخ.
ما هو الإثمد؟
الإثمد هو حجر الكحل الأسود الذي يميل لونه إلى الحمرة وهو حجر صلب ملمع وبرّاق. كحلي اللون، وأجوده وأحسنه الذي يتفتت سريعًا ويكون لفتاته بريق ولمعان وبصيص، وأجوده أيضًا ما كان داخله أملس، ولم يكن فيه شىء من الأوساخ، ويوجد حجر الإثمد في بلاد الحجاز واليمن وأصبهان في إيران.
كيفية استعمال الإثمد
قال العلماء: يُستحب الاكتحال بالإثمد للرجال والنساء، كل ليلة فهو سنّة نبيّنا محمّد عليه الصلاة والسلام. وقد جاء الأمر عن النّبيّ العظيم ﷺ بالاكتحال بالإثمد وِترًا، والأفضل أن يكون الاكتحال عند النوم، لقوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالإثمد عند النوم فإنه يشدُّ البصر ويُنبتُ الشعر» رواه ابن أبي شيبة، وكانت للرسول الأعظم ﷺ مُكْحُلَةٌ يكتحل منها كل ليلة ثلاثًا في كل عين.
فوائد الإثمد في حفظ العين وتقوية البصر
وللاكتحال بالإثمد فوائد عظيمة للعين والبصر، فهو يحافظ على صحة العين وسلامتها لا سيما عند الشيوخ والصبيان. وهو يقوي عصب العين، ويجلو البصر ويقويه، وينبت أهداب العينين وهو ما نبت من الشعر على أشفارهما، والاكتحال بالإثمد يحسن العين ويجملها ويحببها إلى القلوب وينقي أوساخ العين ويزيلها.
والإثمد يذهب باللحم الزائد في القروح وينقي أوساخ القروح العارضة في العين، وينفع من الحرارة والرطوبة العارضة للعين عند الاكتحال به، ثم هو يقوي العين ويحفظ سلامتها ويجلو البصر ويقويه ويجعل فيه مزيد حدة. والإثمد هو أجود أكحال العين، وله خاصية عجيبة في حفظ صحة العين وتقوية البصر وجلائه ولا سيما للشيوخ الذين ضعفت أبصارهم.
زرقاء اليمامة
ومما يروى في فضل الإثمد وأسراره ومزاياه في تقوية البصر وجلائه أنه كان في مدينة «اليمامة» امرأة زرقاء العينين يقال لها: «زرقاء اليمامة» وقد اشتهرت هذه المرأة عند قومها بقوة بصرها وحدته وبأنها كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام!! والسرّ في ذلك أنها كانت تحشو عينيها بحجر الإثمد، أي تكتحل به.
خاتمة
إن الاكتحال بالإثمد له فوائد صحية عظيمة للعين، ويشهد الطب الحديث بصحة ذلك.
وما أجمل أن نتبع سنّة نبيّنا عليه الصلاة والسلام في الاكتحال بالإثمد، فبذلك نحافظ على صحة عيوننا وسلامتها، ونعمل على تقوية وجلاء أبصارنا، ونحظى بالثواب الجزيل في الآخرة في اتباعنا لسنّة نبيّنا ﷺ.