- هل سمعتَ ماذا فعل فلان مع زوجته؟؟
- هل عرفتِ ما سبب انفصال فلانة عن زوجها؟؟
- لماذا فلان لا يغيّر أثاث بيته رغم أنه يمتلك الكثير من المال!؟
- مَن هذا الذي يزور بيت جيراننا من مدة لمدة!؟
لا… أنا لا أطرح عليكم هذه الأسئلة… إنما أذكر نماذجَ من العبارات التي بِتنا نسمعها هنا وهناك… في البيوت وعلى الطرقات… وفي المطاعم والمحلّات… وفي أغلب الأحيان لا يكون الهدف من طارحها الإصلاح أو المساعدة، إنّما الفضيحة والانشغال بتتبّع أخبار وعورات النّاس… ناهيك عن «رشّ البهارات» والكذب والافتراءات…
وإن حاولتَ منعه يُسرع ليُجيبك بكل برودة «شو حكينا!»، لستُ أدري ما هذه الشهوة التي تجرّ صاحبها للوقوع في أعراض الآخرين واغتيابهم وكأنه يشرب كوبًا من الماء!
يُؤذي هذا ويتدخّل في حياة هذه ويتكلّم عمّن يعرفه ومَن لا يعرفه بما يسمع وبما تسوّل له نفسه من غير أن يتبيّن أو حتى من غير أن يُحسّن الظنّ بهم…
ألم يسمع بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾
سورة الحجرات.
ألم يسمع بحديث حبيبه ورسوله محمّد ﷺ: «كفى بالمرءِ كذبًا أن يُحَدّثَ بكُلّ ما سَمِعَ» رواه ابن حبان… أي إن المرء يسمع فِي العادة الصدق والكذب فإِذا حَدَّثَ بكلّ ما سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ لإِخبارِهِ بما لم يكنْ..
كثيرٌ من الناس صاروا منشغلين «بالقيل والقال» ومتابعة أخبار غيرهم إما للشماتة وإما لإشباع شهوة أنفسهم… وإن اطّلعت على جانب من حياة هؤلاء لوجدتَ أغلبهم غارقين في المعاصي والآثام، ومع ذلك كلّه يرون عيوب غيرهم كبيرة ويغضّون الطرف عن عيوب أنفسهم..
الله يصلح الأحوال…
هذا بعض ما نواجهه في واقعنا ولكن لنذهب إلى هناك… إلى الواقع «الافتراضي»، مواقع التواصل الاجتماعي واللا اجتماعي!
ستجدُ مَن ينشر كل تحرّكاته الشخصية وقراراته ومشكلاته وخلافاته وغير ذلك من تفاصيل حياته على الفايسبوك! والبعض يكاد يصوّر كل كوب ماءٍ يشربه!
وكذلك بعض الشابات اللواتي ينشُرْنَ صورهنّ غير اللائقة وتنهمر عليهنّ التعليقات من قريب وغريب! بل وقد يكون الغريب أكثر من القريب! وهنا تكمن المشكلة… عندما يرى ضعيف النفس كل هذا أمامه، في الغالب سيتبع رغبة نفسه الجامحة نحو الشرّ ويبدأ بالكلام عن كل ذلك وربّما يزيد من عنده بعض الأخبار!
لماذا لا نكون عونًا لبعضنا على وساوس الشيطان ومداخله!؟ كم وكم من التغيير كان سيشهده مجتمعنا لو قُمنا بستر عورات بعضنا البعض والتناصح فيما بيننا بدل كل ذلك الكلام الذي لا يغيّر شيئًا بل يزيد الطينَ بلّة!
ما أجملنا عندما نعامل أخانا المؤمن بالإحسان والتناصح ونكون له كالمرآة التي تُظهر عيوبه لإصلاحها وإن رأينا منه ما هو حسن حمدنا الله على ذلك وطلبنا منه الزيادة! ذلك لأن الله تعالى أمرنا بالتعاون على البرّ فيما بيننا فـقال في محكم تنزيله: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ سورة المائدة/2.
ما أجملها من آية… وما أحوجنا لنكون كما أمرنا الله تعالى… نُعين أنفسنا وغيرنا على الطاعة وتحسين الظنّ بالمؤمنين…
وفي نهاية مقالي… أدعوك عزيزي القارئ لوقفة قليلة عند كلماتي… ليُراجع كلٌّ منّا نفسه ويرى ماذا يطبّق من تعاليم دينه وسنّة نبيّه… لنرتقي بأنفسنا… لنتخلّص من «أزمة الأخلاق» التي باتت تنتشر كالوباء حتى نكون مفاتيح خيرٍ مغاليق شرّ متّصفين بالصفاء والنقاء…