أول ما بُدئ به الرؤيا الصالحة فكان ﷺ لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وحُبّب إليه ﷺ الانفراد عن الناس، فكان يأتي غار حراء يتعبّد فيه، وكان لا يمرّ بشجر ولا حجر إلا قال بلسانٍ فصيحٍ ونطقٍ صحيحٍ: السلام عليك يا رسول الله، فينظر ﷺ يمينًا وشمالًا ولا يرى شيئًا.

وروى البخاري وغيره أنه ذات يوم بينما هو قائم على جبل حراء، أتاه ملك الوحي جبريل عليه السلام وقال: يا محمّد اقرأ، فقال: «ما أنا بقارئ»، فأخذه وغطّه حتى بلغ منه الجهد ثم أطلقه وقال: اقرأ، فقال: «ما أنا بقارئ»، فعل ذلك ثلاثًا ثم قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) حتى بلغ ﴿مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)، ثم نزل عن الجبل إلى قرار الأرض، فجاء الرسول إلى مكة ودخل على خديجة فقال: «زمّلوني زمّلوني»، ثم أخبرها الخبر فقالت: «أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتقري الضيف وتُعين على نوائب الدهر». وكانت رضي الله عنها موفّقة بتوفيق الله تعالى، وهي أول من آمن من النساء حالة كونها مصدّقة له في ما جاء به.