سؤالٌ يلحُّ عليَّ منذ فترة، لماذا كلّما قررنا أن نتوب من ذنوبنا وأن نفعل الطّاعات، لماذا نقول في كل مرة: غدًا؟!!! غدًا نتوب… غدًا نصلي… غدًا نعمل خيرًا… لماذا غدًا وليس اليوم؟!!! من أولوياتنا (أعني معظمنا) اللّباس، المظهر، الشكل الخارجي، الطعام والشراب… باختصار، الدنيا!!! أجل الدنيا، التي نعمل كثيرًا ونبذل صحتنا وأعمارنا في سبيل تحقيق أهدافنا فيها! 
ماذا لو توقفنا قليلًا؟ ماذا لو تفكّرنا قليلًا؟
أليست الدنيا كلّها إلى زوال؟
أليست الدنيا فانية والآخرة هي الباقية؟
بلى والله!

كلّما مرّت بنا جنازة ترتعد أوصالنا، ونبكي ونسارع إلى فعل الخيرات، ونقرّر أننا سنعدّل منهجنا للأفضل، ولكن ما هي إلا أيام قليلة تمضي فننسى، وتأخذنا الدنيا من جديد…

النفس إما أن تعوّدها على الكسل والإهمال أو أن تعوّدها الطّاعة والعمل والجد والاجتهاد.فكيف أعوّد نفسي العادات الحسنة؟
من المعروف أن العادة حتَى تُكتسَب وتستمر معك طيلة الحياة أنت بحاجة لممارستها العديد من المرات.

فمثلًا أول عشرة أيام تحتاج إلى صبر وكسر نفس.
لكن ثاني عشرة أيام تصبح أسهل فتبدأ باكتساب العادة نوعًا ما، وأما بعد ذلك فالعادة تصبح جزءًا من سلوكك ولا يسهل أن تتخلى عنها! تخيل معي كم من العادات الحسنة يمكنك أن تكسب خلال سنة وخلال سنوات إن أنت طبّقت هذه الاستراتيجية.

عندما تتفكّر وأنت تجلس جلسة صفاء مع نفسك فـي حالك بعد النفس الأخير، وفي لحظات الموت وألم خروج الروح من الجسد، وبأنك إما أن ترى ملائكة الرحمة إن كان حالك حسنًا أو ملائكة العذاب إن كان عكس ذلك.
عندما تتفكّر فـي القبر الذي سيكون منزلك الحقيقي، هل بنيته؟ هل جهّزته؟
هل سيكون روضة من رياض الجنة أم حفرة من حفر النار؟
عندما تمرّ السنوات بعد موتك لتصبح ذكرى قديمة لا أحد يبكي لأجلها ولا يئن.
يا أخي والله إنك ستُنسى وكأنك لم تكن!
كفاك تسويفًا وتعلّقًا بحبال الأمل قد حان وقت البداية، حان وقت الطاعة والعمل.
من اليوم اترك المعاصي وابدأ بفعل الطاعات من اليوم أعد ترتيب الأولويات.

هذه الدنيا زائلة فإياك أن تضعها في رأس القائمة بل أخّرها وقدم العمل لآخرتك الباقية، وادعُ الله أن يخرج حبّ الدنيا من قلبك. وعلّق قلبك بالآخرة.
عدّل برنامجك اليوم، استيقظ قبل موعدك المحدّد بساعة واحدة، صلّ الفجر ثم الضحى أو اقضِ ما فاتك من صلوات إن كان عليك قضاء، صحّح النية للّه وأنت تردّد أذكار الصباح، انوِ أن تفعل الخير في هذا اليوم ابتغاء مَرضاة الله.

ساعة العبادة هذه كفيلة بقلب يومك للأفضل، وتحسين مزاجك وإنقاذك من الاكتئاب الذي يصيب الكثيرين في هذه الأيام والسبب معروف!

واجعلْ لك ساعة مثلها بعد صلاة المغرب، اقرأ القرءان، اذهب إلى المسجد، صلّ، ادعُ الله…

يا الله ما أروع هذا…

صدّقني فـي الأيام العشرة الأخيرة من شهرك الأول لاكتساب هذه العادة ستشتاق لساعة العبادة وستنهمر دموعك، ستشعر بكمّ كبير من الاطمئنان والراحة، ربما لم تشعر به من قبل!

لا تحرم نفسك لذّة الطاعة…

فنحن راحلون…

أخي، أختي من كل قلبي أدعوكما وأقول لكل منكما: أكرم نفسك بطاعة الله. فنحن لا نعلم متى يكون الرحيل…