قال الرسول الأعظم ﷺ: «من لَزِمَ الاستغفار جعل الله له من كل ضِيق مخرجًا، ومن كل همّ فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب» رواه أبو داود وابن ماجه في سننهما.
وقال عليه الصلاة والسلام: «لا حول ولا قوة إلا باللّه دواءٌ من تسعة وتسعين داء أيسرها الهمّ» رواه البيهقي.
إن المصائب المختلفة التي تصيب الإنسان في دنياه وكذلك الاضطرابات والانفعالات النفسية والمخاوف المختلفة تسبّب له أمراضًا كثيرة وخاصة أمراض الأعصاب، وكذلك همّ أمور المعيشة ومتطلبات الحياة المتزايدة وما يرافقها من الديون المتراكمة في سبيل تأمين لقمة العيش ونفقة الزوجة والأهل والأولاد، كل هذه الظروف المعيشية الصعبة مع ما يصاحبها من مصائب مختلفة تقود إلى المخاوف والهموم والكروب والأحزان.
ولا يخفى علينا كما هو معروف عند الأطباء أن الكمد وهو الحزن الشديد المكتوم في الفؤاد يوهن الجسد ويجرح القلب، وكذلك الأحزان الشديدة المتراكمة تؤثر ضررًا على القلب والجسد وتسبّب للإنسان الكثير من الأمراض المستفحلة الخطيرة، وكذلك الاضطرابات النفسية والتوترات العصبية الناتجة عن تراكم الأحزان المكتومة في القلب هي مبدأ أمراض عضوية كثيرة ناتجة عنها، وقد تكون خطيرة تودي بحياة الإنسان.
ويبقى السؤال: هل لأمراض الهم والغم والكرب والحزن الناتجة عن شدة المصائب والانفعالات والاضطرابات النفسية من علاج ودواء في هدي نبيّنا المصطفى ﷺ وسنّته العطرة المباركة وما شرعه ﷺ لأمّته؟
والجواب: نعم، إن لنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة فهو ﷺ خير قدوة لأمّته.
لقد أرشدنا نبيّنا المصطفى ﷺ من خلال إرشاداته وتعليماته العظيمة، ووصاياه النافعة لأمّته إلى علاج الهم والغم والكرب والحزن كما نستفيد ذلك من خلال سيرته العطرة المباركة.
فقد كان عليه الصلاة والسلام كما ورد في سيرته الميمونة المباركة يذكر الله تعالى في جميع أحواله وأحيانه، وكان يلجأ إلى الله تعالى بالذكر والدعاء والصلاة عندما يهمه أمر ما أو يقع في كرب وشدة، فقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر «أي نزل به أمر مهم أو وقع في كرب» فزع إلى الصلاة وقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾ سورة البقرة/45.
وكان عليه الصلاة والسلام يقول عند الكرب والشدة ليعلّم أمّته:
“لا إلـٰه إلا الله العظيم الحليم، لا إلـٰه إلا الله ربُّ العرش العظيم،
لا إلـٰه إلا الله ربّ السماوات وربّ الأرض وربّ العرش الكريم” رواه البخاري ومسلم.
وعن الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ﷺ كان إذا كربه أمر قال: «يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث» رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النّبيّ ﷺ كان إذا أهمّه الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال: «سبحان الله العظيم»، وإذا اجتهد في الدعاء قال: «يا حيّ يا قيّوم» رواه الترمذي.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النّبيّ ﷺ كان إذا خاف قومًا قال: «اللّهم إنا نجعلُك في نحورِهم، ونعوذُ بك من شرورِهم» رواه أبو داود والنسائي.
ولقد علّم النّبيّ الأعظم ﷺ أمّته كيف يلجؤون إلى الله تعالى بالذكر والدعاء والاستغفار والصلاة عند الكروب والشدائد، وعلّمهم ماذا يقولون عند الأحزان المؤلمة وعند الوقوع في الهموم والغموم أو الكروب والشدائد.
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «لقّنني رسول الله ﷺ هؤلاء الكلمات وأمرني إذا أصابني كرب أو شدة أن أقولهن: لا إلـٰه إلا الله الحليمُ الكريمُ، سبحانَه وتباركَ اللهُ ربُّ العرش العظيم، والحمدُ للّه ربّ العالمين» أخرجه ابن حبان.