الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّد النبيّ الأمّي الأمين، وعلى آله وصحبه الميامين، وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

المكلّف شرعًا هو البالغ العاقل الذي بلغته دعوة الإسلام، والبلوغ يكون ببلوغ خمس عشرة سنة قمريّة أو بإنزال المني أو رؤية دم الحيض للأنثى، وأمّا العاقل فهو غير المجنون. 

ويشترط بلوغه دعوة الإسلام يعني أنّه إن كان البلوغ والعقل في شخصٍ يصير مكلّفًا بمجرّد أن يبلغه أصل الدعوة الإسلاميّة، أي أن يبلغه أنّه لا إلـٰه إلّا ﷲ وأنّ محمّدًا رسول ﷲ، فمن كان بلغه الإسلام فهذا هو المكلّف الذي هو ملزمٌ بأن يُسلم ويعمل بشريعة الإسلام، وأن يؤدّي الواجبات كلّها ويجتنب المحرّمات كلّها.

ويفهم من ذلك أنّ الطفل الصغير ليس عليه مسؤوليّة في الآخرة حتّى يبلغ، وكذلك المجنون في حال جنونه وكذلك الذي عاش بالغًا ولم تبلغه دعوة الإسلام.

قال ﷲ تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15). وقال رسول ﷲ ﷺ: «رُفع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النّائم حتّى يستيقظ وعن الصبيّ حتى يحتلمَ وعن المجنون حتّى يعقل» رواه أبو داود.

وقد كان رسول ﷲ ﷺ يدعو العرب المشركين في موسم الحجّ حين يجتمعون من نواحٍ شتّى إلى الإسلام، ويسمعهم الشهادتين: «أشهد أن
لا إلـٰه إلا ﷲ وأشهد أن محمّدًا رسول ﷲ» ﷺ، وكان مشركو العرب يذهبون إلى الكعبة تقليدًا لأجدادهم المسلمين.