بالأمس كنت طفلًا واليوم أنت إنسان كبيرٌ متقدم في السن يصعب أن تجد من يساعدك…
بالأمس فرحوا بقدومك وكنت سبب الفرحة عندهم، أرضعوك وما أضاعوك… خدموك في المرض والصحة… في المدرسة ويوم التخرج… ويوم زفافك، ويوم وُلد لك أول مولود في أُسرتك وبدأت مهمتك واستلمت دفّة إدارة المنزل وشيئًا فشيئًا أصبحت أبًا لعدة أولاد وبذلت الغالي والنفيس في تربيتهم وتأمين حاجياتهم إلى أن كبروا وعملوا وتزوجوا وحملوا المسؤولية التي أنت حملتها. لكنك كنت دائمًا تراقب من بعيد وتخشى عليهم وتدعو لهم بالخير والبركة والسعادة والأمان.. والآن أنت رجلٌ مسنٌّ لا تقوى على القيام من السرير وحدك، أصبحت بحاجة إلى من يعينك…
والله تعالى يقول في محكم تنزيله: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (68)﴾ سورة يس.
فانظر أيها الإنسان مليًّا وتفكّر في كل مرحلة قطعتها من الطفولة إلى الهرم ولعلّك ترد إلى أرذل العمر حيث لا تعود تفقه شيئًا فاسأل نفسك من الذي خلق لي الحليب في ثديي أمي، ومن الذي أطعمني وسقاني ومدَّ جسدي بالطاقة، ومرضت فعافاني…
ستنهال عليك الأسئلة من داخلك فستعلم يقينًا أنّ تلك المراحل التي قطعتها هي بخلق الله وقدرته وأنّ التفكّر في مخلوقات الله يزيد المؤمن إيمانًا ويقينًا بوجوده تعالى…